العربية نت تحاور يوسف عزيزي
الجمعة 7 رمضان 1438هـ – 2 يونيو 2017م
لندن – رمضان الساعدي
#يوسف_عزيزي، كاتب وباحث وصحافي من مواليد عام 1951 في مدينة #الخفاجية بإقليم #عربستان (الأهواز)، خريج كلية الإدارة التابعة لجامعة #طهران وعضو مؤسس لاتحادي الكتاب والصحفيين الإيرانيين، عضو فخري في رابطة #القلم_البريطانية (انجليش بن)، وعضو أصلي في رابطة #الكتاب_السوريين.
صدر له حتى الآن 25 كتابا ومئات المقالات باللغتين #الفارسية و #العربية . وتشمل دراساته ومقالاته الشؤون السياسية والثقافية في #إيران . وقد تُرجمت بعض آثاره إلى اللغات #التركية و #الإنجليزية و #الإيطالية و #الألمانية.
وقد مثل يوسف عزيزي، #الشعب_العربي_الأهوازي ضمن الوفد الثلاثيني الذي أوفده الزعيم الروحي لهذا الشعب، الراحل الشيخ #محمد_طاهر_الشبير_الخاقاني إلى #طهران في ابريل -مايو1979، إذ كان متحدثا باسم الوفد الذي التقى العديد من وسائل الإعلام #الفارسية والدولية، ومسؤولي مؤسسات المجتمع #المدني والأحزاب السياسية وزعماء #الثورة_الإيرانية آنذاك.
وفي العام 2008 حاز على جائزة القائمين على ندوة “حقوق #المرأة في #إيران و #أذربيجان و #تركيا ” المنعقد في #اسطنبول ، وفي عام 2009 حاز على جائزة منظمة الراصد لحقوق الانسان (هيومن رايتس ووتش) الاميركية والتي توصف بجائزة “هلمت – همت” وتمنح كل عام الى الكتاب الذين يتعرضون للسجن والتعذيب او مشكلات اخرى بسبب انتقادهم للانظمة #الديكتاتورية في العالم. كما اختارته مجلة “ارابيان بيزنس” ضمن اقوى 500 شخصية عربية لعام 2011.
“العربية.نت” التقت يوسف عزيزي وأجرت معه الحوار التالي:
أين يرى نفسه يوسف عزيزي، هل هو يساري أو يميني أم قومي أم إسلامي؟
هذه أُطر ضيقة وتقليدية لا تستوعب كل واحدة وحدها توجهاتي الفكرية. لذا أنا #إسلامي لأنني أتمتع بثقافة إسلامية، و #يساري لأنني أميل إلى إقامة العدالة الاجتماعية في المجتمع، وقومي بسبب النضال الذي خضته خلال أربعة عقود من أجل حقوق شعبنا القومية العادلة، ويبدو أنك نسيت صفة ” #الديمقراطي ” التي أعتبر نفسي من أهلها بامتياز.
هناك من يقول إن الخميني سرق ثورة الشعوب الإيرانية والتنظيمات التقدمية؟ هل تعتقد ذلك؟
يمكنني القول إن الحراك العلني المعارض للنظام الملكي الذي بدأ يتبلور منذ أيلول/سبتمبر 1977 لم تكن لديه قيادة محددة حتى إن أخذت رسائل وأشرطة #الخميني الصوتية تصل #إيران وتتوزع بشكل واسع في صيف 1978. وقد استمر عاما كاملا ليتمكن رجال الدين الموالون للخميني أن يقودوا أولى المظاهرات الواسعة ضد الشاه في أيلول/سبتمبر 1978 والتي أدت إلى قيام الثورة الإسلامية في 11 فبراير 1979. أو بالأحرى أنه حتى قبل 6 أشهر من يوم قيام الثورة (22 بهمن 57) لم يكن واضحا من هي الجهة التي تقود الحراك المعادي للشاه، حيث كانت إلى جانب (حزب رجال الدين) الموالي للخميني، مجموعات أخرى كحركة #حرية_إيران (نهضت آزادي) و #الجبهة_الوطنية (جبهه ملي) و #اتحاد_كتاب_إيران (كانون نويسندكان إيران) وشخصيات وفئات يسارية تنشط على الساحة السياسية في الداخل. إذ صعد نجم #الخميني بالتدرج بعد أن تمكن “حزب رجال الدين” من أخذ المبادرة وتحويل #المساجد إلى قواعد للعمل السياسي المناهض للشاه.
عندما كنت معتقلا في أحد سجون #الأهواز السرية في العام 2005، أکد لي أحد المحققين، أن #الشاه خدمنا كثيرا لأنه قمع القوى اليسارية النشطة في المجتمع الإيراني أكثر من الإسلاميين. فوفقا لإحصائيات نشرها الباحث الإيراني #عماد_الدين_باقي ، كان اليساريون الأكثر عددا بين السجناء في سجون الشاه، يليهم الإسلاميون وسجناء القوميات غير الفارسية. وقد مهد الإعلام الغربي، خاصة إذاعة #بي_بي_سي الفارسية لقيادة آية الله الخميني للحراك السياسي المعارض، وقد تأكدت قيادته للثورة بعد أن قتلت قوات الجيش الشاهنشاهي العشرات من المتظاهرين في ميدان جاله (ميدان شهدا فيما بعد) بالعاصمة طهران في 8 أيلول/سبتمبر 1978 (17 شهريور57).
وقد صدر كتاب باللغة الفارسية قبل سنوات يؤكد على دور إذاعة بي بي سي في هذا الشأن عنوانه “انقلاب بروايت بي بي سي” أي الثورة الإيرانية وفقا لرواية بي بي سي.
هذا داخليا وأما خارجيا، كان لمؤتمر #جوادلوب تأثير حاسم في تعزيز دور الخميني لقيادة إيران بعد سقوط الشاه محمد رضا #بهلوي . وقد انعقد المؤتمر في كانون الثاني/يناير 1978 بجزيرة غوادالوب في بحر الغرائب التابعة لفرنسا، وحضره رؤساء الدول العظمى آنذاك أي الرئيس الأميركي جيمي كارتر ورئيس وزراء بريطانيا جيمز كالاهان والرئيس الفرنسي جيسكار دیستان والمستشار الألماني هلموت شميت. فقد اتفق هؤلاء أن الشاه لم يكن قادرا على الحكم بعد كل المظاهرات والأحداث التي هزت إيران، ومن الأفضل أن يدعموا الحركة الإسلامية بقيادة روح الله الخميني للحيلولة دون صعود اليسار الإيراني، وذلك في ظل وجود الاتحاد السوفيتي وحكومة يسارية تحكم أفغانستان آنذاك. أي أن الخميني استطاع تعزيز مكانته الخارجية بعد أن تمكن من أخذ المبادرة في الداخل. وفي غوادالوب، كان الرئيس الأميركي كارتر من أشد المتحمسين لإنهاء حكم الشاه. كما ظهرت مؤخرا وثائق رسمية أميركية تكشف عن رسائل متبادلة بين آية الله الخميني والإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأسبق جان كيندي في أوائل الستينيات. وقد نكث آية الله الخميني بكل وعوده بالابتعاد عن الاستبداد وفتح الأجواء السياسية. فلم تمض سنتان على قيام الثورة حتى قامت حكومة ولاية الفقيه بقمع القوميات غير الفارسية، ومن ثم القوى السياسية المختلفة المتجذرة في المجتمع الإيراني.
في فترة الرئيس الأسبق محمد خاتمي فتح النظام للعرب الأهوازيين مجالا لإبراز طلباتهم لكن سرعان ما اختفت هذه الظاهرة بعد مجيء أحمدي نجاد وتم اعتقال النشطاء، هل تعتقد أن روحاني سيعيد الفترة الذهبية للأهوازيين كما يعتقد البعض؟
هذا يتبع نتائج الصراع ومداه وشدته، وأعني بذلك الصراع بين الأجنحة المتنازعة على السلطة في إيران، لأنه كلما تعمق واتسع النزاع بين ما يسمى بالمحافظين من جهة و #الإصلاحيين والمعتدلين من جهة أخرى، كلما تمكنت الشعوب الإيرانية من تنفس الصعداء واستغلال الأجواء الناجمة من هذا الصراع لصالح نضالها وأهدافها. وهذا ما حدث في عهد #خاتمي بالتحديد. إذ أدت محاولات #رفسنجاني لدمج الاقتصاد الإيراني بالاقتصاد العالمي إلى تناقض في المصالح الاقتصادية والسياسية بين الأجنحة الحاكمة وتفعيل دور القوى الموالية للانفتاح ومنهم الإصلاحيون، إذ عززوا مكانتهم في عهد خاتمي وكسبوا الدعم الجماهيري.
لاشك أن القوى المتنفذة في النظام بما فيها السلطة القضائية وقادة الحرس الثوري ستواجه روحاني وستتفاقم العلاقة بينهما، خاصة في مجال السياسة الخارجية التي ترتبط ارتباطا وثيقا مع مشاكل البلاد، لكن إذا قام روحاني بفسح المجال لنشاط المؤسسات المدنية والمستقلة، وإذا استنجد بالجماهير التي صوتت له سيتمكن من الوقوف في وجه خصومه السياسيين ودحرهم، وستتمكن القوى المستقلة والمدنية في إيران، بما فيها عربستان من استغلال الأجواء السياسية لصالحها. فالأشهر المقبلة تُعد فترة اختبار لروحاني، فعلى سبيل المثال إذا سمح بفتح نقابة الصحفيين في طهران أو نقابات نسائية وثقافية ومدنية مستقلة أخرى سيعزز بذلك موقعه وموقع حلفائه الإصلاحيين، وسيمهد لفتح الأجواء السياسية في إيران. ولا ننسى أن الإصلاحيين يهيمنون حاليا على معظم مجالس البلدية في إيران، ولديهم كتلة لا بأس بها في البرلمان.
فلولا خشية #المرشد من تداعيات الوضع الدولي وإمكانية استغلال الإدارة الأميركية الجديدة للوضع الداخلي في إيران لما تحمل علي خامنئي عبور روحاني لبعض الخطوط الحمر خلال الحملة الانتخابية. الآن وبعد أن تقدم الإصلاحيون على مستوى الانتخابات الرئاسية ومجالس البلدية في إيران يمكنني القول إن هذه الأمور وكذلك الضغوط التي تتلقاها إيران من الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وتركيا ستعمق الشرخ القائم بين روحاني والمتشددين. أنا أتصور أن العملية الإصلاحية ستطال رأس النظام آجلا أم عاجلا بسبب نفوذها وتوسعها بين الفئات السياسية المختلفة (الإصلاحيين والمعتدلين والمحافظين المعتدلين و..)، وهذا سيؤدي إلى تعزيز شطر “الجمهورية” في نظام الجمهورية الإسلامية. كما أنه من المتوقع أن تطرح الجماهير التي صوتت لروحاني مطالبها الاقتصادية والسياسية في الشارع وغير الشارع، وممكن أن تطالب بإطلاق سراح قادة الحركة الخضراء الذين عليهم إقامة جبرية، وهم مهدي كروبي ومير حسين موسوي وزهراء رهنورد، أو تطالب بإلغاء الإشراف المطلق لمجلس صيانة الدستور على الانتخابات، وهو مجلس محسوب على المتشددين، أو تغيير تركيبة مجلس الخبراء، أو إيجاد مجلس قيادة للبلاد بدل القيادة الفردية، أو تعيين فترة زمنية لولاية المرشد الأعلى، أو تفويض قسم من صلاحياته إلى رئيس الجمهورية… إلخ.
ورغم أن قضية القوميات والشعوب غير الفارسية تُعتبر أكثر تعقيدا من القضايا الأخرى في إيران لكنها ستتأثر أيضا بما يجري على الساحة السياسية الإيرانية، وسنشهد بروزا أكثر لهذه القضية على مستوى الأقاليم التي تقطنها الشعوب غير الفارسية.
الحراك السياسي الذي شهدته الساحة الأهوازية عشية الانتخابات ينبئ بما يأتي في المستقبل، أي أننا لن نشهد انسدادا سياسيا كما كان في عهد أحمدي نجاد. فبرأيي لن تكون هناك فترة ذهبية، بل ستكون هناك أجواء فضية يمكن للنشطاء الإصلاحيين والمستقلين والمدنيين أن يتحركوا من خلالها بضغوط أقل.
لكن هناك من يؤكد أن انتخابات شورى البلدية في #الأهواز(وهو من النشاط السلمي)، تم تزويرها وجاءت الحكومة بأسماء المهاجرين “اللر”، إذن لا فائدة للعرب من أي تغيير في طهران سواء كان روحاني رئيسا أم غيره؟
العرب وسائر الشعوب غير الفارسية لا يجب أن تتوقع أن يحل #روحاني معضلة القوميات كقضية #استراتيجية في إيران، بل هناك تكتيكات يجب اتخاذها مع من يطرح حلولا لهذه القضية. أي إذا طرح روحاني مثلا برنامجا لتدريس اللغات غير الفارسية ورفع التمييز عن القوميات والأقليات يجب المناورة عليها واستغلال الأجواء السياسية العلنية لطرح موضوع ضرورة التعليم بلغة الأم والتمييز ومواضيع قومية أخرى، بل للتأكيد على عدم مثابرته في الدورة الأولى بتنفيذ وعوده في هذا المجال. وأنا أؤكد هنا على أهمية العمل العلني – إلى جانب العمل السري طبعا – لتطوير الوعي القومي والسياسي لدى المواطن العربي في الإقليم. فانتخابات البلدية أيضا تقع على نفس المستوى، وهي ترتبط بحياة الناس اليومية، ولدينا تجارب سابقة أن الجماهير العربية تشارك فيها بشكل واسع وفي هذه الانتخابات – الرئاسية ومجالس البلدية – شاهدنا مشاركة نحو 65% من سكان محافظة ما تسمى بخوزستان (عربستان) في الانتخابات وفق الإحصاءات الرسمية. وهذه نسبة ليست قليلة رغم النداءات التي طالبت بمقاطعة الانتخابات. وبالطبع هي ليست بمستوى المحافظات الفارسية، مثل يزد وكرمان وأصفهان و.. التي بلغت المشاركة فيها نحو 90% وأكثر، وهذا يعني أن هناك شرخا بين المكونات القومية في إيران لكن رغم ذلك كان يجب أن يستغل الجميع فترة الحملة الانتخابية لطرح مطالب شعبنا القومية، وقد تم ذلك بالفعل من قبل بعض المجموعات والشخصيات الناشطة هناك، وطُرحت مواضيع وبرامج لم تطرح منذ عقدين من الزمن. وقد رأينا وقفة الجماهير العربية أمام مبنى القائم مقامية للاحتجاج على تزوير الانتخابات لمدة 3 أيام، وكان لها انعكاس داخلي وخارجي. فأنا أعتبرها مدرسة وصفوفا سياسية للجماهير العربية خاصة الجيل الصاعد الذي لم يعايش أحداث 2005 وكذلك للمرأة التي شاهدنا مشاركتها في الاحتجاجات، بل وريادتها في قراءة الأشعار والشعارات. فعدم المشاركة في هكذا اجتماعات سياسية احتجاجية، والانعزال والركون في البيوت بحجة المقاطعة يضيع منا فرصة ثمينة للتثقيف السياسي وتطوير الوعي القومي لدى أبناء شعبنا العربي المضطهد أساسا في حياته اليومية. صحيح أنه لو نجح المحتجون في إبطال النتائج المزورة لكان الوضع أفضل، لكن حتى في هذه الحالة أيضا كسبت جماهيرنا تجربة أكدت للناس أنهم كعرب يمكن أن يقفوا ويحتجوا أمام المباني الحكومية ولأغراض سياسية. فوفق معلوماتي أن هذه الوقفة التي استمرت ثلاثة أيام أثارت حماس العرب في كل مدن الإقليم، وأنا متأكد أنها زادت من تجاربهم التي ستفيدهم في نضالاتهم المقبلة. وأما موضوع المهاجرين والمستوطنين اللور فموضوع آخر يجب أن نبحث عن حل له، خاصة في المحافل الدولية وعلى أساس القوانين الدولية، وأمامنا مسألة كركوك في العراق كمثال يجب أن نستفيد منها.
كتبت مقالات ومذكرات عن اعتقالك لمدة شهرين بسبب دورك ومواقفك في #انتفاضة_العرب عام 2005؟ كيف تمت عملية الاعتقال؟ وبماذا حكمت المحكمة ضدك؟
كتبت حول هذا الموضوع في #مذكرات #السجن ولا أريد أن أسهب فيه كثيرا، لكن أشير هنا إلى أنني اعتقلت في 25 نيسان 2005 أي عشرة أيام عقب انتفاضة العرب الأهوازيين في 15 نيسان من نفس العام، بعد أن عدت إلى بيتي من اجتماع في رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان التي كانت تديرها شيرين عبادي وقد ألقيت هناك خطابا انتقدت فيه بشدة قتل #المتظاهرين #العرب في المظاهرات السلمية التي عمت بعض مدن إقليم عربستان، لكن فهمت فيما بعد من خلال التحقيقات التي أجريت معي في السجن أن الاعتقال لم يكن بسبب دوري في دعم الانتفاضة الشعبية في الإقليم فحسب، بل بسبب كل ما فعلته وكتبته حول قضية شعبنا العربي بعد قيام الثورة. فقد قضيت أكثر من شهرين في الحبس الانفرادي وعانيت ما عانيت، بل تعرضت لمحاولة اغتيال في السجن، وقد تم إطلاق سراحي إثر ضغوط من شخصيات ومنظمات مستقلة في إيران، وكذلك منظمات حقوق الإنسان العالمية، كالعفو الدولية وهيومن رايتس ورابطة القلم العالمية (بن انترناشيونال) ورابطة القلم البريطانية (انجليش بن) واتحاد رؤساء الصحف الأميركية والأوروبية الكبرى ومؤسسات وشخصيات أخرى في خارج إيران. وقد أفرج عني في يوليو/تموز 2005 بكفالة مالية قدرها أكثر من 20 ألف دولار وقد تم استدعائي في يونيو/حزيران 2006 إلى وزارة #الأمن ومن ثم إلى #النيابة_الثورية حيث ارتفعت كفالتي المالية إلى نحو 100 ألف دولار بسبب كلمة ألقيتها في نقابة_الصحفيين_الإيرانيين انتقدت فيها موجة الإعدامات التي شملت الشباب الأهوازي حيث بلغ عددهم 25 شخصا في تلك الآونة. وقد تم رهن الوثيقة الملكية لمنزلي بطهران لدى المحكمة الثورية بطهران. وخلال الأعوام الثلاثة ( 2005 – 2008) تم استدعائي لوزارة الأمن والمحكمة الثورية في إيران لعدة مرات. وقد استمرت محاكمتي في محكمة الثورة الإسلامية بطهران (الشعبة 15) وبواسطة القاضي أبو القاسم صلواتي لمدة 7 أشهر (من سبتمبر2007 – إبريل 2008) حيث أصدر ضدي حكما بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة تنظيم مظاهرات نيسان 2005 في الأهواز وتهريب رسالة ابطحي إلى الخارج. صلواتي هذا معروف بتشدده، وهو الذي حاكم المعتقلين بعد أحداث الحركة الخضراء في 2010. وقد ساندت إعلاميا وسياسيا تلك المظاهرات التي قامت في العام 2002 احتجاجا على المخططات الحكومية الرامية إلى تغيير النسيج القومي لعرب الأهواز والتي كانت سلمية أساسا. وكما جاء في بيان أصدره 70 كاتبا وشاعرا إيرانيا بارزا أن “عزيزي استخدم حقه في حرية التعبير للتنديد بقمع المظاهرات السلمية التي قامت بها الجماهير العربية في الأهواز، وأنه لم يشارك في أي نشاط آخر، وأن السلطة الإيرانية أصدرت هذا الحكم القاسي ضده لتنتقم منه بسبب مقالاته ومحاضراته في الدفاع عن القوميات غير الفارسية خاصة عرب الأهواز.” وقد أبرمت محكمة الاستئناف (الشعبة 34) هذا الحكم في سبتمبر/أيلول 2008 حيث لم يبق لي بد إلا الهروب من إيران، لأنني وبحكم تجربة أشخاص أخرين مثلي كنت أعلم أن الخروج من السجون الإيرانية ليس سهلا حتى لو انتهت فترة الحكم.
ولا تنسى أنني ذقت طعم السجون الإيرانية 3 مرات: مرة في العام 1971 في عهد #الشاه ومرتين في 1982 و2005 في عهد الجمهورية الإسلامية. وفي عام 2006 حرمت السلطات الإيرانية ابنتي “حنان” من الدراسة في دورة #الماجستير بجامعة طهران، فرع اللغة والأدب العربيين رغم قبولها بامتحانات الجامعة بمعدل ممتاز. كما اعتقل الأمن السوري نجلي “افنان” في مارس 2007 ولمدة 41 يوما حيث كان يدرس في #جامعة_دمشق . فلم يكن للاثنين أي نشاط سياسي آنذاك ويعود السبب في الحالتين إلى نشاطي السياسي والثقافي ودفاعه عن حقوق الشعب العربي الأهوازي.
استمررت بنشاطك السياسي في المهجر برأيك ما هو الفرق بين نشاط الداخل والخارج خصوصا أن البعض يرى أن الفرصة ستكون متاحة للنشاط أكبر في الخارج؟
الفرق شاسع بين النشاط في الداخل والنشاط في المهجر، حيث إنني أعتبر النشاط بالداخل هو الأساس والقاعدة، ويتمتع بأهمية تفوق كثيرا النشاط بالخارج، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد أهمية للنشاط في المهجر، بل أعتبره مكملا ومساعدا لما يقوم به أبناء شعبنا في الداخل. أنا أقدر كثيرا ما يقوم به #المثقفون والنشطاء في الداخل من نشاط ثقافي ومدني واجتماعي رغم الظروف الصعبة، حيث لا تنفك عنهم الاعتقالات والاستدعاءات والاتهامات بالانفصال والارتباط بالجهات الأجنبية والعمليات المسلحة وما شابه، لكن رغم ذلك لم يركن أبناء شعبنا للقمع وهم يستمرون وينشطون وفق قراءتهم لظروفهم الموضوعية. وأنا على يقين أن النشاط المدني والثقافي سيتطور إلى نشاط سياسي متى توفرت له الظروف، وهذا ما حدث في العقود السابقة. فعلاوة على حراك شعبنا في الإقليم، نحن بحاجة إلى نشاط طلابنا ونخبتنا المتواجدة في المدن الإيرانية الكبرى، خاصة في العاصمة طهران. وأنت تعلم ما قمنا به من نشاط في طهران في عهد #خاتمي بما فيه تشكيل مؤسسة “بيت العرب” للجالية الأهوازية في العاصمة، وكذلك الحضور في الندوات وإلقاء #المحاضرات في #الجامعات والمؤسسات المؤثرة على القرار السياسي.ومن الضروري أن يكون لنا #لوبي_عربي_أهوازي في العاصمة الإيرانية للتأثير على مراكز صنع القرار، ولا ننسى التأثير على وسائل الإعلام والصحافة الفارسيتين في طهران التي تلعب دورا مهما في تشكيل الرأي العام الإيراني. يجب على الجالية الأهوازية في طهران أن تستجمع قواها وتنشط كما تنشط الجاليات التركية الآذرية والكردية والتركمانية والجيلكية، وتعزز علاقاتها معها وتتبادل التجارب معها. وقد كنا على علاقة معهم جميعا عندما كنت في طهران.
انتهت الانتخابات الإيرانية بفوز روحاني، برأيك كيف ستكون سياساته داخليا حيث وعد ناخبيه بإعطاء الحريات؟
سيواجه روحاني مهمة صعبة في فترة رئاسته الثانية، وقد ظهرت بوادر مواجهة المتشددين له منذ اللحظة التي تم الإعلان عن فوزه. إيران تعاني من أزمات عديدة لكنها ليست على شفا هاوية. فمن هذه الأزمات: الوضع الاقتصادي المتردي وعلى رأسه البطالة، التمييز ضد المرأة والأقليات الدينية وأهل السنة، شيخوخة المسؤولين الكبار والهوة بين الأجيال، وفقدان الحريات السياسية والاجتماعية، وانتهاك حقوق الإنسان، لكن أهم معضلة تقض مضاجعه هي قضية القوميات غير الفارسية لأنها إذا استفحلت ستؤدي إلى ما تؤدي إليه. وأنا أتصور أن هذه القضية ستتطور إذا لم يفِ روحاني بوعوده للأقليات والشعوب غير الفارسية في حملته الانتخابية الأولى والثانية. فالنظام الديني في إيران ليس مقدسا ومحصنا كما يدعي، لأنه تعرض لهزات عنيفة كادت تطير برأسه، كان آخرها أحداث عام 2009، وقد جاءت الانتخابات الرئاسية الأخيرة لتطيل من عمره لكنها ليست توقيعا على صك أبيض من قبل الجماهير الإيرانية. ولا ننسى تأثير الضغوط الإقليمية والأميركية على النظام التي استغلها روحاني ليتجاوز بعض خطوط الحمر في حملته الانتخابية.
أنا لا أتوقع هجوما خارجيا ولا ثورة في إيران في المستقبل المنظور، لكن سنشهد نهوضا في الحراك المدني، من المحتمل أن يبلغ العصيان المدني في ظروف خاصة. وعلى المستوى الخارجي، هناك بعض المفاتيح التي يملكها الغرب، خاصة الولايات المتحدة لإنقاذ الاقتصاد الإيراني المتهاوي، الأمر الذي سيساعد روحاني في صراعه ضد خصومه. فوفقا لإحصائيات الخطة الخمسية السادسة للجمهورية الإسلامية الإيرانية فإن البلاد بحاجة إلى 165 مليار دولار كاستثمارات أجنبية لإنعاش اقتصادها الوطني، وهذا لن يتم دون إذن واشنطن، ونحن نعرف أن روحاني لن يتمكن من تحسين علاقاته مع الولايات المتحدة دون أن يلغي المشروع الصاروخي الإيراني ويحد من مساعدات إيران للمجموعات الإرهابية في الدول العربية، ويحسن من وضع حقوق الإنسان في إيران. فحتى لو أراد روحاني ذلك سيواجه بصخرة الحرس الثوري وخامنئي والمتشددين،. فهذه نقطة عويصة ستؤدي إلى مواجهات أكثر بين المعسكرين المتخاصمين في إيران. كما أننا نعلم أن رئيس الجمهورية في إيران لا يملك إلا نحو 20 في المئة من مفاصل الحكم في إيران. فإذا استظهر روحاني بعقبته الجماهيرية يستطيع أن يبدأ بخطوات إصلاحية في حوزة صلاحياته على أقل تقدير، فإذا قام بالخطوات التالية ستكون مقدمة لتحولات أساسية في إيران: أن يتمكن من الهيمنة على وزارات تابعة لحكومته، كوزارة الاستخبارات التي تعمل حاليا وفق ما يريده خصومه، مثل مشاركتها في تزوير انتخابات المجلس البلدي في الأهواز أو اعتقالها للناشطين المدنيين، وتنفيذ المادة 15 بحذافيرها، ورفع أو الحد من التمييز ضد أهل السنة، ورفع القيود عن الحركة الطلابية، والعمل من أجل إطلاق سراح مهدي كروبي ومير حسين موسوي وزهراء رهنورد، والعمل على إلغاء ما يسمى “نظارت استصوابي” أي الاختيارات المطلقة لمجلس صيانة الدستور في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتغيير تركيبة مجلس الخبراء، والعمل على تحديد فترة حكم المرشد الأعلى ما دام العمر إلى فترة محددة، وأعمال أخرى مماثلة. كل هذه الأمور ستؤدي إلى تعزيز البعد “الجمهوري” في الجمهورية الإسلامية وتفسح المجال للقوى المعارضة لولاية الفقيه، بل وللقوى المضطهدة كالأقليات والقوميات غير الفارسية والنساء والعمال كي يتحركوا في ظروف أنسب، وأن يطوروا أساليب نضالهم. فدور خامنئي مهم جدا في أي خطوة سيقوم بها حسن روحاني خلال الأعوام الأربعة المقبلة. لكن هذا لا ينفي مسؤوليات روحاني الذي كسب تأييدا جماهيريا واسعا.
أنا أتصور أن أعمال العنف ستستمر بنفس الوتيرة الحالية في المناطق البلوشية والكردية ونوعا ما العربية، غير أن النضال المدني سيكون السمة الأبرز لكفاح الشعوب في إيران، ولا ننسى أن ما يقرر بوصلة التطورات السياسية في إيران هما الشعبان الأكثر تأثيرا: الفرس والأتراك الآذريون، وهما يؤكدان دوما على النضال المدني والسلمي. لكن رغم كل ذلك ستلعب الفجوات الكبرى السياسية والاقتصادية بين 4 في المئة من الميسورين الحاكمين و96 في المئة من المحكومين (كما ذكرها قاليباف وهي صحيحة)، وبين المركز والهامش (خاصة بين المناطق الفارسية وغير الفارسية)، ستلعب لعبتها وستهدد كيان السلطة الإيرانية إذا لم تتمكن من تسديد الفواتير التي أصدرتها الجماهير خلال حراكها الانتخابي الأخير.
هناك أهداف معلنة غير مقنعة للشارع الإيراني من دعم طهران للميليشيات الطائفية في المنطقة سواء في العراق أو اليمن أو سوريا، برأيك ما هي الأهداف غير المعلنة من هذا التدخل وصرف الأموال الطائلة؟
– الأهداف المعلنة من قبل النظام الإيراني والتي لم تقنع الشارع هي محاربة داعش والإرهاب في تلك الدول والدفاع عن الأضرحة الشيعية هناك، لكن فئات من الشعوب الإيرانية بدأت تدرك أن لا صحة لهذا الكلام، وهناك مصالح ايديولوجية وسياسية واقتصادية وقومية تدفع هذا النظام لخوض مغامرات عسكرية في سوريا والعراق واليمن. فنحن نشاهد تزايد عدد المتململين يوما بعد يوم، الذين أخذوا يرفعون صوتهم – خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي – ضد هذا التدخل الفض والتوسعي، ورغم أن الأمر لم يُطرح خلال الحملات الانتخابية ومناظرات المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية باعتباره خطا أحمر من قبل العسكر لكن أتوقع أن تؤدي الضغوط الاقتصادية والتكاليف الباهظة للتدخل الإيراني في سوريا واليمن إلى اتساع رقعة استياء الشارع من سياسات ومغامرات النظام في سوريا واليمن ولبنان والعراق. وكلما سنحت الظروف، عبرت الجماهير الإيرانية من خلال المظاهرات والاحتجاجات عن هذا الاستياء ورفعت شعارات وهتافات مناهضة للثمن الذي يدفعه المواطن الإيراني لهذا التدخل.
ما هو مصير التدخل الإيراني في سوريا؟ برأيك هل ستصل طهران إلى أهدافها في مستقل سوريا؟
هناك معسكران يواجهان بعضهما بعضا في سوريا في الداخل وعلى المستوى الدولي: قوى المعارضة السورية وتركيا ودول الخليج والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة والنظام السوري وإيران وروسيا والصين من جهة أخرى. فلا أتوقع أن يتمكن أحد الفريقين المتصارعين على الأراضي السورية من أن يهزم الفريق الآخر بشكل نهائي ومطلق، برأيي ستشهد القضية السورية في النهاية حلا يتجلى بشكل فوز – فوز وليس فوز- خسارة. فقد جربت شعوب أخرى أيضا صراعات دامية دامت لسنوات بل ولعقود كما شاهدنا في فيتنام التي استمرت فيها الحرب والكفاح لأكثر من عقدين من الزمن. كما توجد هناك تجربة فرانكو في إسبانيا التي استمرت 3 سنوات (1936-1939) والتي انتصرت فيها القوى الفاشية الموالية لفرانكو على القوى التقدمية المطالبة بالجمهورية، لكن هذه التجربة لا يمكن أن تتكرر في سوريا حيث يختلف التاريخ وتختلف الأجواء الدولية وموازين القوى. وبالمناسبة فإن إسبانيا وفي ظروف دولية جديدة دخلت العهد الديمقراطي قبل أربعة عقود.