بماذا يطالب العرب في إيران

الحوار المتمدن-العدد: 3641 – 2012 / 2 / 17

حوار موقع “راديو زمانه” مع الناشط الأهوازي يوسف عزيزي بني طرف

تعريب عادل حبه
Ahwazi Arab Demo 2005
أجرى الإعلامي الإيراني إحسان عابدي حواراً صحفياً مع يوسف عزيزي بني طرف، الكاتب والناشط السياسي من أجل الحقوق القومية للشعب العربي في إيران ، والمقيم في المملكة المتحدة، حيث يلقي الكاتب الضوء على معاناة سكان خوزستان ( المعروفة بعربستان)، التي يشكل العرب فيها الأكثرية، وعلى أسباب الاستياء الذي يعم هذه المنطقة والمناطق القومية الإيرانية الأخرى، وهذا نصه:
– تحدث المراقبون عن حقوق الإنسان عن اعتقال 65 شخصاً في خوزستان بتهمة التحريض على مقاطعة الانتخابات. كما أشارت هذه التقارير إلى مقتل أثنين من المعتقلين في السجن، وهناك قلق على مصير بقية المعتقلين. إلى من ينتمي هؤلاء المعتقلين؟ وما هي مطاليبهم؟ ولماذا يدعون إلى مقاطعة الانتخابات؟. وهل هم جزء من حركة الخضر أو أنهم من تيار سياسي آخر؟
– من الممكن أن يكون هدف هؤلاء مشابهاً لهدف الخضر. ولكن التيار الجاري بين عرب خوزستان والذي يدعو إلى مقاطعة الانتخابات لا علاقة تنظيمية له بتاتاً مع أي تنظيم أو مع الحركة الخضراء. وفي الحقيقة أن الأسباب التي أجبرت هؤلاء على القيام بهذه الحركة مختلفة إلى حد ما مع القضايا المتعلقة بحركة الخضر، بحيث يمكننا القول أن الدعوة لمقاطعة الانتخابات من قبلهم ما هي إلاَ رد فعل على القمع الموجه ضد عرب خوزستان وفشل ممثليهم في الدورات السابقة للمجلس. إن ما أقدمت عليه السلطة القضائية واصدارها قرارات تتضمن تجريم كل من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات هو أمر لم يحدث له مثيل في العالم. وقد جرى استغلال هذا القرار من أجل شن حملة اعتقالات وتعريض النشطاء السياسيين العرب إلى الأذى والتعذيب. إن مثل هذه الجريمة يتم أحياناً التغاضي عنها، أو أن تكون ردود الفعل أزاءها ليست بهذه الشدة فيما لو جرت في طهران مثلاً، ولكن في المناطق غير الفارسية فإن المواطن هناك يتعرض إلى عقوبات مضاعفة. و يتمتع المسؤولون الأمنيون بحكم ذاتي كامل بقدر ما يتعلق بالقمع.
– فهل أن المعتقلين من عرب خوزستان فقط؟
– نعم، لقد تم اعتقال 65 شاباً عربياً قبل يومين من صدور بيان منظمة مراقبة حقوق الإنسان(هيومن رايتس واتش). وقد تعرض للقتل اثنان من الشبان العرب الأهوازيين بسبب التعذيب وهم كل من ناصر آلبو شوكة في أحد السجون السرية في مدينة الأهواز، ومحمد الكعبي في سجن شوش.
– هل جرى تأكيد هذا الخبر من جانب المنظمات ذات العلاقة؟
– نعم فقد نشرت وسائل الإعلام صور الضحايا، وتلقت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان هذه الصور. كما بادرت منظمة حقوق الإنسان الأهوازي المستقرة في أمريكا إلى اصدار بيان يؤيد هذا الخبر. لقد حدثت هذه الاغتيالات في الأيام الأخيرة، إذ قتل السيد آلبو شوكة درفشان في 30 كانون الثاني والسيد محمد الكعبي في الثاني من شباط.
– وفي آذار الماضي تعرض ناشط عربي آخر في مجال حقوق الإنسان هو رضا مغاميسي إلى الموت تحت التعذيب في سجن دزفول. كما تعرض أحد الشبان العرب وهو حامد العساكره إلى الموت في أيلول الماضي بعدما دهسته سيارة أحدى الدوريات العسكرية في مدينة خلف آباد. وهو حادث شبيه بما حدث في طهران أثناء مراسيم عاشوراء في عام 2010 خلال المظاهرات التي أعقبتالانتخابات الرئاسية في إيران. وقد نقلت وكالات الأنباء تفاصيل الحادث، في حين لم يبث أي خبر عن حادث خلف آباد بسبب الجدار الذي أحيط بمحافظة خوزستان لمنع تسرب أية معلومة عن ما يجري فيها. إن الحكومة تريد من ذلك أن تؤكد أن كل شىء هادىء في خوزستان، هذه المحافظة التي تحتل مكانة ستراتيجية وجيوبوليتيكية، علماً أن هذه المحافظة تؤمن الثروة الإيرانية. ربما انك تريد أن تعرف السبب وراء موقف الحكم أزاء عرب إيران. إن الجواب على هذا السؤال هو أن الحكم يقمع النشطاء السياسيين في طهران بسبب الخصومة السياسية، ولكن قمع النشطاء العرب لا يقتصر على الخصومة السياسية فحسب، بل يتعداه إلى الحقد العنصري. ونتيجة لذلك يتعرض العرب لضغط وإيذاء مضاعف، بحيث قتل أربعة من العرب في خلال سنة واحدة. ومن الممكن أن يكون عدد المقتولين أكثر من ذلك لأن بعض العوائل تلتزم الصمت بسبب الخوف أو بسبب عدم تمكنهم من اللغة الفارسية أو بسبب وضعهم الاقتصادي المتدني مما يضع العراقيل أمامهم للاتصال بوسائل الإعلام.
– هل تعتقد أن عرب محافظة خوزستان يتعرضون إلى قيود أكثر من سائر سكان المحافظة؟
– إنهم محرومون من التعليم بلغتهم الأم، أي اللغة العربية، في المدارس. ولا يستطيعون التكلم في المحاكم بلغتهم الأم، خاصة وإن غالبتهم لا يجيدون اللغة الفارسية مما يعرض حقوقهم إلى الغبن.

هذا هو حال عرب إيران في محافظة خوزستان النفطية
ويعيش حوالي 5 ملايين عربي في حنوب وجنوب غرب إيران، ولكنك لا تعثر على أية جريدة تصدر بلغتهم، ومن الصعوبة بمكان نشر أي كتاب أدبي واجتماعي وتاريخي باللغة العربية حيث توضع العراقيل أمام ذلك. ولا تنسى إن هذه المحافظة كانت تتمتع بحكم ذاتي ويحكمها حاكم عربي هو الشيخ خزعل حتى أوائل القرن العشرين. ونتيجة لذلك يشعر عرب خوزستان بالغبن، فهم قد فقدوا السلطة السياسية، وحرموا من حقوقهم الثقافية والاقتصادية. علماً إن أراضيهم غنية بالنفط، ولكنهم بعيشون في فقر مدقع وفي بيوت الصفيح والعشش ومع الجاموس.
لقد نقل أحد مراسلي وكالة “مهر” للأنباء صوراً عن حياة عرب خوزستان، وعلق عليها ” هنا ليس أفريقيا، هنا الأهواز”. وهذه عبارة تصف بشكل دقيق ما تعانيه المحافظة، كما تعبر عن الظلم الذي يلحق بسكانها.

تجفيف هور العظيم وحرف مجرى الانهار الحدودية مع العراق هو مسعى لتغيير ديموغرافي يهدف إلى تشريد ساكنيه من عرب إيران ( الصورتان قبل وبعد حرف مجاري الأنهر عن الهور)
بالطبع ينبغي الإشارة إلى أن القوميتين الكردية والبلوشية تعانيان أيضاً من التمييز. ولكن عرب خوزستان يتعرضون إلى التمييز العنصري، إضافة إلى كل أنواع التمييز الثقافي والمذهبي واللغوي. فالأبواب تسد بوجه المواطنين العرب بسبب أسماءهم العربية فقط. ولا يتسنم العرب المناصب الإدارية ومراكز الدولة، ولا تتناسب مواقعهم في هذه المناصب مع نسبة عددهم في المحافظة.
إن العرب يشكلون نسبة 70% في محافظة خوزستان، إلا أن 5% منهم فقط يحتلون المناصب المهمة في المحافظة والنواحي والمناصب الإدارية. إنهم يقارنون وضعهم المزري مع حال أقرانهم العرب في دول مجاورة كقطر والامارات والكويت، مما يثير استيائهم من الظروف التي يعيشونها.
– وكما يشاع، فهل تزيد هذه المشاكل من نزعة الانفصال لدى عرب خوزستان؟
– مثل هذه النزعات موجودة، ولكن لا يوجد لدينا ما يؤكد مداها. فلا نستطيع أن نجري مسحاً لذلك. إن أكبر انفصالي هو الحاكم الجالس في طهران الذي سلب حقوق الشعب وحرمهم من الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية، وفرض عليهم الفقر والفاقة. إنهم يعيشون على بحر من النفط، ولكن بدلاً من تعمير مدنهم وقراهم، فتتجه الأمور نحو الخراب، وتذهب واردات النفط إلى جيوب قادة الحرس الثوري والحكام من رجال الدين . ومن هنا فإن أكبر انفصالي هو السيد علي خامنئي، الذي بالرغم من علمه بعمق الفقر والحرمان لعرب خوزستان، إلاّ أنه يتعامل بطريقة أمنية ويصدر الأوامر القمعية.
– في حالة رعاية حقوق العرب وأزالة التمييز، فهل ستنتفي المطالبة بالانفصال؟
– ينبغي كسب رضى المواطنين، فعندما يتم تأمين حقوق المواطنة يشعر الفرد أن الوطن وطنه. وإذا ما تمت رعاية تامة للمواطنة، ويتم النظر إلى الجميع كمواطنين من الدرجة الأولى، وليس مواطنين من الدرجة الثالثة، عندها وفي ظل المساواة تنتفي كل الذرائع للانفصال.
إن نزعات الانفصال ليست رائجة بين العرب فقط، بل بين كل القوميات. وهي انعكاس لاضطهاد هذه القوميات. فهناك في كردستان تيار يمثله “بيجاك” أي حزب الحياة الحركة لكردستان، والذي يطالب بانفصال كردستان إيران والانضمام إلى كل أجزاء كردستان في الدول المجاورة لتشكيل دولة موحدة. كما إننا نشهد نزعات انفصالية في محافظتي آذربايجان وبلوشستان. فهذه النزعة لا يختص بها العرب، بل هي رد فعل كل القوميات غير الفارسية على ظلم الحكومة الإيرانية.
ونشهد في الوقت الحاضر شيوع كل أنواع الظلم في إيران. فهناك اضطهاد عام لكل فئات الشعب، وهناك اضطهاد خاص للقوميات غير الفارسية في إيران.
ومن أجل المظهر الأول من الاضطهاد ينبغي احترام حقوق المواطنة بشكل عام كي يتمتع كل الشعب الإيراني بالديمقراطية وحرية الفكر والحريات السياسية والحريات الدينية من ناحية، ومن ناحية أخرى ولكي يتم معالحة المظهر الثاني من الاضطهاد يجب احترام حقوق المواطنة المتعلقة بالقوميات غير الفارسية والاقليات الأخرى. وبعبارة أخرى يجب الاقرار بحقوق متساوية مع قومية الأغلبية وعلى نفس المستوى.
باعتقادي أنه من الواجب أن تبدأ المساواة بين المواطنين الإيرانيين من القانون الأساسي. إن إدراج المذهب الشيعي كالمذهب الرسمي للبلاد يؤدي إلى أن يصبح المواطنون غير الشيعة مواطنين من الدرجة الثانية. في حين أن أكثرية السكان هم من المسلمين، فيمكن الاكتفاء بالدين الإسلامي الذي يشمل الشيعة والسنة على حد سواء..
وعلى نفس المنوال اعتبار اللغة الفارسية اللغة الرسمية، والتقليل من أهمية لغات القوميات الأخرى مثل العرب والكرد والآذريين. ويوجد حل لهذه المسألة عن طريق اعطاء الحق باعتبار لغات القوميات غير الفارسية رسمية في مناطقها. على سبيل المثال اللغة العربية في خوزستان واللغة الكردية في كردستان والمناطق الكردية والآذرية في آذربايجان…الخ. وينبغي أن تكون اللغة الفارسية اللغة التي تشكل حلقة الوصل بين جميع المواطنين الإيرانيين.
وعلى هذا النهج يمكن ضمان المساواة بين المواطنين، وعن هذا الطريق يمكن تقسيم الثروة والسلطة بين مختلف القوميات الإيرانية ولكي تبقى إيران موحدة. فالنمط الحالي لا يلائم المجتمع الإيراني. فالمجتمع الإيراني متعدد المذاهب والقوميات. إن مثل هذه التعددية الثقافية واللغوية والمذهبية الموجودة في المجتمع تحتاج إلى نظام سياسي خاص بها.
وباعتقادي أن مثل هذا النظام يجب أن يكون نظاماً فدرالياً يستطيع أن يؤمن المساواة بين جميع الإيرانيين عرباً كانوا أم فرساً أم كرداً وغيرهم…. وإذا لم يتم الاعتراف بهذا التنوع اللغوي والثقافي والقومي، فسوف لا تشهد إيران أي نوع من أنواع الاستقرار.
– هناك سؤال آخر يتعلق بالحركة الخضراء، أي الحركة التي تبلورت حول هدف التوصل إلى الديمقراطية وإحياء حقوق المواطنة. من وجهة نظركم إلى أي حد جذبت هذه الحركة القوميات غير الفارسية وبالذات العرب في خوزستان، وأبدت تعاطفها معها؟
– كنت في إيران أثناء فترة الإصلاحات، وسعيت كثيراً من أجل مساعدة الإصلاحيين على تطبيق المواد التي أكد عليها القانون الأساسي الإيراني والمتعلقة بالقوميات. ولكن الإصلاحيين، شأنهم في ذلك في شتى الميادين، أبدوا تردداً وتركوا الميدان للمتطرفين، ولم يظهروا أية جدية في ذلك.
إن الحد الأدنى الذي يمكن تحقيقه هو تطبيق المادة 15 من القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تنص على تدريس اللغات القومية في المدارس الابتدائية. لقد عقدنا كنشطاء عرب وكرد وآذريين وممثلي القوميات الأخرى، اجتماعات عديدة مع المسؤولين سواء في وزارة الداخلية أو في مركز البحوث التابعة لمجلس الشورى أو في الجامعات. ولكن لم يجر تنفيذ هذه المادة من قبل الإصلاحيين. إن الرئيس السابق السيد خاتمي الذي تراجع مراراً أمام خامنئي والمتشددين، تراجع هذه المرة أيضاً.
ونتيجة لذلك اتخذت القوميات غير الفارسية موقفاً سلبياً أزاء الإصلاحيين، وبرزت في المناطق القومية مواقف راديكالية. وعمت في بلوشستان منذ عام 2000، أي قبل سنتين وعندما تم اعتقال عبد الملك ريغي، موجة من العنف ونزيف الدماء والدمار. وفي خوزستان، ومنذ عام 2004 إلى عام 2006 حصلت موجة من التفجيرات. وكذا الحال في كردستان حيث يلاحظ حتى الآن استمرار المواجهات بين القوات الحكومية وبعض المجاميع الراديكالية. وهذا يعبر عن الاحباط أزاء موقف الإصلاحيين الذي يطال القوميات غير الفارسية. أما إذا سألت عن وجهة نظري، فإنني اعتقد أن الحركة الخضراء المعارضة هي جزء من الحركة الديمقراطية الإيرانية، على الرغم من أن برامج السادة كروبي وموسوي لا تستجيب لكل مطالب الأقوميات غير الفارسية.
وهنا ينبغي الإشارة إلى أن برامج مهدي كروبي أزاء المسألة القومية أفضل بكثير من برامج موسوي، ولكن حركة القوميات غير الفارسية قد تجذرت بحيث لم تعد هذه البرامج تحل مشكلة القوميات، فسادت النزعة الراديكالية التي لا تعني بالضرورة الانفصال والتجزئة.
إن الحركات القومية لم تكن تطالب قبل عدة سنوات إلا بتطبيق مواد القانون الأساسي المتعلقة بالقوميات غير الفارسية. أما الآن فالحديث يدور حول الفدرالية، وإنني أميل إلى أن تبقى المحافظات جزءاً من أيران. ولقد طالبنا مراراً من زعماء الحركة الخضراء المعارضة السيد مير حسين موسوي ومهدي كروبي أن يرتقوا ببرامجهم إلى مستوى مطالب القوى السياسية غير الفارسية وتأييد الفدرالية. ولكننا لم نسمع منهم أي رد فعل.
ولذا فإننا نلاحظ اتجاهين في إيران بما يتعلق بالعملية الديمقراطية. تيار يمثله الخضر في طهران وبعض المدن التي يقطنها الفرس مثل اصفهان وشيراز، أما التيار الآخر فهو تيار القوميات غير الفارسية. لقد دلت المظاهرات والاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة الأخيرة على أن الحركة الخضراء بقيت محدودة في المدن التي يقطنها الفرس، ولم تمتد لتشمل مدناً مثل تبريز والأهواز وسنندج ومهاباد. ولذا فمن الضروري أن نجد طريقاً للتنسيق بين هاتين الحركتين.
– إذا ما دافع قادة الخضر بشكل أكثر صراحة عن القوميات غير الفارسية، فهل من الممكن أن تتحد الحركتان؟
– نعم دافع هؤلاء القادة وعرضوا برامج لحل المسألة القومية في إيران، وخاصة برنامج السيد مهدي كروبي الذي يتحدث عن البرلمانات المحلية وتدريس اللغات القومية في المدارس. ولكن الشكل النموذجي هو القبول بنظام غير مركزي يتبلور في إطار نظام فدرالي. في عالم اليوم هناك 120 بلداً يطبق الإدارة الفدرالية في كندا وأمريكا وألمانيا وسويسرا وروسية و الأرجنتين والهند والعراق والإمارات وغيرها .
ونرى أيضاً أن بعض الدول التي تتكلم بلغة واحدة تطبق هذا النظام مثل ألمانيا وأمريكا وهي أنظمة ناجحة، فما بالك بالدول التي يتحدث سكانها بعدة لغات. إذن من الضروري أن يبادر التياران في الحركة الديمقراطية الإيرانية إلى الحوار والاقتراب في رؤياهم. وخلاف ذلك فلا يصيب النجاح حركة الخضر ولا حركة القوميات غير الفارسية.

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور