عزيزي لإيلاف: أعارض تعطيل الحكومة منح عرب إيران حقوقهم الدستورية

105

 

د أسامة مهدي

ايلاف – الخميس 11 سبتمبر 2008

أسامة مهدي من لندن: قال الكاتب والناشط السياسي الاهوازي يوسف عزيزي إثر الحكم الذي أصدرته إحدى المحاكم الايرانية بالسجن خمس سنوات مؤخرًا بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر والتواطؤ ضد النظام، إن من حقه كمواطن ومثقف انتقاد ممارسات الحكومة وتعطيلها للنصوص الدستورية التي تمنح عرب إيران حقوقهم، وأشار إلى أنه قد استأنف الحكم ضده وشدد على انه بريء من جميع التهم التي وجهت إليه، موضحًا انه حرص من خلال مؤلفاته ودراساته ومقالاته على أن يكون همزة وصل بين امتين عريقتين هما الايرانية والعربية وتصحيح الشوائب التاريخية والسياسية والثقافية التي شابت علاقاتهما.

وأضاف عزيزي في حديث مع إيلاف أن حيثيات الحكم الصادر ضده تضمنت ادعاءات تزعم بأنه كان له دور في تأجيج المظاهرات التي قام بها عرب الاهواز في 15 نيسان / ابريل عام 2005 وأنه طالب بتغيير الاسماء الفارسية الحالية لمحافظة خوزستان (الاهواز) ومدنها وقراها الى اسمائها العربية التاريخية وتدريس اللغة العربية في المدارس الابتدائية للعرب الاهوازيين. وقال انه نفى ضلوعه في تلك المظاهرات لأنه ببساطة لم يكن في الاهواز عندها حيث انه يسكن العاصمة الايرانية طهران منذ نحو ثلاثة عقود.

وقد دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية السلطات الايرانية الاسبوع الماضي الى الغاء الحكم بالسجن على عزيزي وقالت “إن نظام الرئيس محمود أحمدي نجاد يستغل النظام القضائي ليقمع الصحافيين المنتمين إلى الأقليات التي يشكلون الناطقين باسمها في معظم الأحيان، فستة من المحترفين الإعلاميين السبعة المحتجزين حالياً في البلاد عرب أو أكراد الأصل. فلا بد لكل المتمسكين بحرية التعبير من الإيرانيين التنديد بسياسة الخنق المأسوية هذه” .

وأشار عزيزي الى ان هدفه من القيام بنشاطاته ونتاجاته الادبية ان يكون همزة وصل بين امتين عريقتين الايرانية والعربية وتصحيح الشوائب التاريخية والسياسية والثقافية التي شابت العلاقات بينهما حيث لا تستطيع المؤسسات الرسمية البيروقراطية ان تقوم بذلك. وقال “انا اسأل بعد صدور حكم المحكمة ضدي: هل ما قمت به جريمة ارتكبتها كعربي أهوازي إيراني؟ وهل يجب أن أحاكم وأسجن على ما انجزته ثقافيًا وسلميًا؟ هذا سؤال اطرحه على الاحرار من ايرانيين وعرب واخرين .. وانا اؤكد انه لا ذنب لي في كل ما نسب لي من اتهامات” .

وفي ما يلي نص الحوار مع عزيزي:

ماذا حول الحكم الاخير الصادر ضدك؟

في حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة هناك ادعاءات تفيد بانه كان لي دور في تأجيج المظاهرات التي قام بها عرب الاهواز في 15 نيسان (ابريل) عام 2005 او انني طالبت بتغيير الاسماء الفارسية الحالية لمحافظة خوزستان (الاهواز) ومدنها و قراها الى اسمائها العربية التاريخية، وتدريس اللغة العربية في المدارس الابتدائية للعرب الاهوازيين. اذ انني نفيت دوما ضلوعي في المظاهرات التي اندلعت في 15 نيسان بمدينة الاهواز. لانني لم اكن في الاهواز عندما اندلعت تلك المظاهرات وانا اقطن العاصمة الايرانية طهران منذ نحو 3 عقود. وقد رفضت كل التهم الموجهة الي خلال فترة الاعتقال وفي النيابة الثورية وفي المحكمة الثورية الاسلامية ومؤخرًا في الطعن الذي قدمته لمحكمة الاستئناف في طهران.

والاكثر من كل ذلك ان احد الادعاءات المقدمة ضدي في الحكم بانني كنت ضمن وفد كان قد زار مؤسس الجمهورية الاسلامية الراحل اية الله الخميني والمسؤولين الاخرين في اواخر نيسان (ابريل) واوائل ايار (مايو) عام 1979 للمطالبة بحقوق عرب الاهواز. وهذا صحيح لأنني لا اعتير زيارة زعماء الثورة انذاك ذنبًا يجب ان احاكم عليه بعد 30 سنة. وقام الوفد – الذي كان يضم 30 شخصًا يمثلون الشرائح الاجتماعية الاهوازية – بتقديم التهاني بمناسبة قيام الثورة وطرح المطالب المتعلقة بعرب الاهوازعلى المسؤولين الجدد. وقد تمت كل تلك الامور وفقًا للقوانين الداخلية وتحت مرأى ومسمع المسؤولين انذاك. وقد زرنا مكتب رئيس وزراء الحكومة الموقتة مهدي بازرغان حيث إلتقينا بنائبه انذاك امير انتظام وبمسؤولين اخرين في طهران لكنني عدت الى الاهواز بعد ذلك بسبب واجبات تتعلق بعملي كمدرس في احدى ثانوياتها . كما ان الحكم الصادر ضدي يؤكد عدم وجود سابقة قضائية لي اي عدم وجود ملف قضائي لي حتى عام 2005، لكنه وبعيد ذلك يقدم كشفًا في 5 صفحات لما يصفها بالاعمال المخالفة للقانون التي قمت بها في تلك الفترة وهذا تناقض صارخ في الحكم.

دفع العرب الاهوازيين للقيام بمظاهرات ضد النظام هل هي ادعاءات ام انك في الواقع دعيتهم الى ذلك ؟

انني لم ادعُ احدًا للتظاهر ولكني كمواطن عربي ايراني ومثقف ملتزم بقضايا شعبه انتقدت بعد وقوع المظاهرات (التي كانت سلمية في انطلاقتها) مواجهة القوات الحكومية للناس بالعنف الشديد وقد تم ذلك في مقابلات مع وسائل الاعلام الفارسية والعربية حيث اني اجد انه من حقي القانوني ان انتقد الاخطاء التي ترتكبها الحكومة وان انبهها لذلك.

كيف واجهت الحكم بالسجن خمس سنوات عليك وهو حكم قاس ضدك؟

انا والمحامي وعند تسلم الحكم قلنا للقاضي رئيس الشعبة 15 لمحكمة الثورة بانه حكم غيرعادل وبعيد كل البعد عن الانصاف. ولا أزال اعتبر نفسي بريئًا من التهم الموجهة لي وهي مبنية اساسًا على ادعاءات لاتستند الى اي دلائل ووثائق، خلافًا لما يؤكد عليه قانون العقوبات في ايران وهذا ما اعلنته ووكيلي في المحكمة صالح نيكبخت – وهو كردي ايراني – اعلنّا ذلك في طعوننا للحكم وكذلك لوسائل الاعلام. وهنا يجب ان اشير الى ان محاكمتي استغرقت نحو 7 اشهر بما فيها التأجيلات المكررة لجلسات المحاكمة حيث اصبحت اعرف اروقة محكمة الثورة الاسلامية الواقعة في شمال طهران كأزقة مدينة الاهواز التي نشأت وترعرت فيها ناهيك عن الاستدعاءات الاخرى والتحقيقات في النيابة الثورية التي استمرت طوال عام 2006.

 ماهي طبيعة احداث الاهواز التي ادت الى اعتقالك؟

تعود حيثيات ملفي الى خلفيات مظاهرات كانت قد اندلعت قبل 3 سنوات و نصف السنة اي في 15 نيسان عام 2005 من قبل العرب في مدينة الاهواز احتجاجًا على رسالة قيل انها تسربت من مكتب الرئيس السابق محمد خاتمي وتنص على ضرورة العمل من اجل تغيير النسيج السكاني للمواطنين العرب الاهوازيين في مقاطعة خوزستان (الاهواز) وتبديلهم من اكثرية الى اقلية خلال 10 سنوات. وقد نفى حينها بالطبع المسؤولون هذا الامر.

 وقد رفضت في مراحل التحقيق في السجن والنيابة الثورية بالاهواز وطهران وفي محكمة الثورة الاسلامية بطهران، رفضًا باتًا التهم الموجهة لي في الدعوة الى تنظيم تلك المظاهرات لكنني في الوقت نفسه دافعت عن حقوق المواطنين الايرانيين في التظاهر السلمي وفقا للدستور الايراني. كما اكدت على ضرورة تدريس اللغة العربية في المدارس الابتدائية في المناطق التي يقطنها العرب الاهوازيين في محافظة خوزستان (الاهواز) وفقا للمادة 15 من الدستور الايراني المعطلة دون تنفيذ منذ قيام الثورة وحتى الان وهذا ما يصدق على سائر القوميات غير الفارسية. وقد قلت ان الدستور الايراني يسمح للعرب كاقلية قومية في ايران ان تكون لها صحف عربية (مستقلة بالطبع) وان يتم انصافها في توزيع المناصب الحكومية في المقاطعة وفقا لعدد سكانها وتخصص ميزانية لإعادة اعمار مدنها التي دمرت خلال الحرب العراقية – الايرانية وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان الاصليين هناك. كما اكدت ضرورة اعادة الاسماء التاريخية العربية (المذكورة في كتب المؤرخين الايرانيين والفرس انفسهم) الى المدن والقرى والاحياء في المحافظة. وقد جاءت بعض هذه الامور في الحكم الصادر ضدي كتهم. وقد وردت كلها في الكتب والمقالات والمحاضرات التي القيتها في الجامعات والمؤسسات العلمية والحكومية الايرانية وانني لا اخفي هذا الامرحيث لم اتخط في نشاطي الثقافي والاجتماعي القوانين الداخلية الايرانية والمعاهدات الدولية التي ابرمتها ووقعت عليها ايران.

هل طعنت بالحكم؟

نعم قد طعنت في الحكم الصادر ضدي في نهاية فترة العشرين يومًا المخصصة لهذا الامر، وذلك يوم السبت الثلاثين من الشهر الماضي حيث رفضت جميع التهم الموجهة الي والمذكورة في الحكم. وقد اكدت في طعني ان القاضي في محكمة الثورة لم يستمع إلى دفاعي في المحكمة ولا لدفاع المحامي المكلف بالدفاع عني.

 المعروف عن نشاطك الثقافي انك قمت بدور الوسيط بين الثقافتين العربية والايرانية… كيف كان ذلك؟

منذ 35 عامًا وانا اكتب واترجم الكتب والمقالات الادبية من العربية الى الفارسية ومنذ عقدين من الزمن احرر في الصحافة الفارسية في ايران والعربية في خارج البلاد. فقد نشرت مئات المقالات الثقافية والادبية والسياسية في هذه الصحف ووسائل الاعلام العربية لتعريف القارئ والمتابع للشأن الايراني على ثقافة بلادنا العريقة المتعددة الثقافات والقوميات وذلك بشكل مستقل ومحايد.

وايضًا نشرت 3 مجموعات قصصية باللغتين الفارسية والعربية تدور معظم احداثها في مسقط رأسي الاهواز وتتحدث عن معاناة العرب الاهوازيين بلغة ادبية محضة. كما القيت المحاضرات في نحو 10 جامعات ايرانية وعدة مراكز علمية و ثقافية ونشرت عدة دراسات حول الوضع الاجتماعي والثقافي لعرب الاهواز باللغتين الفارسية والعربية. وقد بدأ نشاطي هذا قبل قيام الثورة اي منذ اكثر من ثلاثين عامًا وبهدف تقديم صورة علمية لهؤلاء الناس.

 وقد اجريت حوارات مع سياسيين وادباء عرب نشرت في الصحافة الايرانية والعربية الواسعة الانتشار منها مع : سميح القاسم وعزمي بشارة و خالد مشعل و نايف حواتمه و جورج حبش و ليلى خالد و ابوعلي مصطفى وفتحي الشقاقي و عزالدين خضر (من قادة حزب الله لبنان) و جلال الطالباني و عبدالعزيز الحكيم.

 كما نشرت الكتب باللغتين الفارسية و العربية حيث كانت حصة الاسد للكتب التي ترجمتها او كتبتها باللغة الفارسية عن الادب والفكر العربيين الحديثين. اذ كنت اول ايراني يترجم كتب الشاعر العربي – العالمي محمود درويش (اوراق الزيتون في 1976 و مغني الدم في 1978) مما سبب لي استدعاءات من استخبارات نظام الشاه المعروفة بالسافاك. وقد ترجمت بعض قصص و روايات الكاتب المصري – العالمي نجيب محفوظ الى الفارسية و كذلك عدد من روايات الكاتب السوري حنا مينه. و نشرت رواية “عائد الى حيفا” و عدة قصص من غسان كنفاني، انتجوا منها فيلم سينمائي في ايران. كما كنت اول ما قدم الشاعر السوري – العالمي ادونيس الى الايرانيين اثر ترجمة شعره و حواراته في المجلات الادبية الفارسية. واما عن مفكري و ادباء المغرب العربي فكان لي السبق في تقديم المفكر البارز محمد عابد الجابري الى القارئ الايراني. كما نشرت اشعارًا وحوارات مع الشاعر والوزير المغربي السابق محمد الاشعري الذي يرأس الان اتحاد كتاب المغرب.

 وفي مجال اخر من نشاطي الثقافي قمت بتقديم الادب الايراني الحديث – و خاصة الفارسي منه – الى القارئ العربي وهذا ما تشهد عليه صحف “ايلاف” الالكترونية والزمان العراقية والوقت البحرينية والعرب القطرية والقبس الكويتية و”جهة الشعر” الذي يديره صديقي الشاعر البحريني قاسم حداد. ولم اتوانَ عن تشجيع الادباء العرب الاهوازيين لترجمة امهات الكتب العربية – الادبية والفكرية – الى اللغة الفارسية حيث اشعر ان ما قمت به من عمل كان يجب ان تقوم به ملحقيات ومؤسسات ثقافية للدول العربية في طهران وهذا ما لم تفعله.

 ان قصدي من كل هذه الاعمال ان اكون همزة وصل بين امتين عريقتين – الايرانية والعربية – وتصحيح الشوائب التاريخية والسياسية والثقافية التي شابت وتشوب العلاقات بينهما حيث لا تستطيع المؤسسات الرسمية البيروقراطية ان تقوم بذلك. وانا اسأل بعد صدور حكم المحكمة ضدي: هل ما قمت به جريمة ارتكبتها كعربي اهوازي ايراني؟ وهل يجب ان احاكم واسجن على ما انجزته ثقافيا وسلميا ؟ هذا سؤال اطرحه على الاحرار من ايرانيين وعرب واخرين .. وانا اؤكد ان لا ذنب لي الا ماذكرته لكم آنفًا.

يوسف عزيزي .. سيرة كاتب وناشط سياسي

ولد الكاتب والصحافي يوسف عزيزي عام 1951 في مدينة سوسنجرد (الخفاجية) بمحافظة خوزستان (الاهواز) .. فهو ايراني من اصل عربي – اهوازي حائز على الشهادة الجامعية من كلية الادارة التابعة لجامعة طهران ويكتب حاليا في الصحافة الايرانية و العربية. يوسف عزيزي عضو منتخب في امانة اتحاد الكتاب الايرانيين وعضو مؤسس في اتحاد الصحافيين الايرانيين وعضو فخري في اتحاد الكتاب العرب. ويضم اتحاد الكتاب الايرانيين اعظم الوجوه الادبية و ابرز الروائيين و الشعراء و المترجمين الايرانيين. وقد ترجمت بعض بحوثه وقصصه ومقالاته السياسية الى العربية والتركية والانكليزية والايطالية. وقد صدر له حتى الان 24 كتابًا باللغتين الفارسية والعربية وهي تشمل 3 مجالات : اولا البحث حول شؤون الشعب العربي الاهوازي، وثانيا ترجمة الادب والفكر العربيين المعاصرين الى الفارسية، وثالثًا كتابة القصة القصيرة. واضافة الى هذه الكتب نشر المئات من المقالات السياسية والثقافية بالعربية و الفارسية في الصحف ومواقع الانترنت.

 ويتسم سجل يوسف عزيزي بالنضال ضد الحكم الشاهنشاهي السابق حيث قضى فترة في احد سجون طهران المعروف بسجن اللجنة المشتركة لجهاز الامن و الشرطة (زندان كميته مشترك ساواك شهرباني) في العام 1972 وكان له دور في قيام الثورة الجماهيرية التي قامت في شباط ( فبراير) عام 1979 وذلك من خلال تنظيم المظاهرات الطلابية والجماهيرية المعادية لنظام الشاه في طهران والاهواز وخاصة بين العرب.

 وبعد قيام الثورة استمر في نشاطه من اجل ترسيخ الحرية التي نادت بها الثورة غير انه اعتقل في عام 1981 في احدى سجون مدينة الاهواز ثم فُصل من عمله مدرسًا في احدى مدارسها الثانوية . وقد استمرت عمليات الفصل هذه عندما كان يعمل في شركات تابعة للحكومة كان آخرها فصله عن صحيفة همشهري عام 2004 حيث كان من مؤسسي هيئة تحريرها .. لكنه ممنوع الان من العمل في وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية في ايران.

وفي عام 2006 منعت وزارة العلوم والتعليم العالي كريمة يوسف عزيزي السيدة حنان عزيزي من دراسة الماجستير في جامعة طهران على الرغم من قبولها برتبة علمية ممتازة كما حرم عليها مزاولة اي نشاط سياسي وثقافي خلال دراستها في فترة البكالوريوس في الجامعة وذلك بسبب نشاطات والدها الثقافية والاجتماعية. وفي عام 2007 تم اعتقال نجل يوسف عزيزي افنان عزيزي في سورية لمدة 42 يومًا حيث كان يدرس في جامعة دمشق.

وتواصلت الضغوط على يوسف عزيزي كما استمرت عمليات استدعائه الى الدوائر الامنية والقضائية خلال الاعوام الاربعة الماضية. وقد تم رفع ثمن الكفالة المالية له في صيف 2006 من 200 مليون ريال الى مليار ريال (100 الف دولار) بعد القائه كلمة في نقابة الصحافيين الايرانيين تنتقد الاعدامات في الاهواز. وهو يعيش حاليًا في منزله بطهران حيث اصبحت وثيقة بيته مرهونة لدى المحكمة باعتبارها كفالة مالية اثر الافراج عنه بعد 65 يوما قضاها في زنزانة انفرادية في مدينة الاهواز في عام 2005.

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور