إيران بعد رفسنجاني: بين مخالب الأزمات الداخلية والتهديدات الخارجية

يوسف عزيزي

ايلاف 2017 الثلائاء 17 يناير

 هاشمي رفسنجاني ارسى هيكل الجمهورية الاسلامية الإيرانية وفقا لتوجيهات مرشده روح الله الخميني ولعب دورا رئيسيا في السياسة الايرانيةخلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم ، لكن دوره قد انحسرمنذ اوائل هذا القرن وخاصة بعد الاضطرابات التي شهدتها إيران عام2009.

فقد ساعد رفسنجاني في استقرار نظام شمولي، دموي، فاسد وغير سوي في إيران بعد ثورة الشعوب عام 1979 حيث كانت تطمح الى الحرية والعدالة الاجتماعية وفق شعارات جماهيرها؛ غير انه غير البوصلة بعد ابتعاده عن مركز القرار السياسي في السلطة واخذ موقفا وسطيا يؤيد الحركة الاصلاحية. فلم يكن رفسنجاني طوال حياته ديمقراطيا ولا حتى اصلاحيا. فاذا تغاضت الطبقة الوسطى في طهران عند تشييع رفسنجاني عن جرائمه التي ارتكبها خلال فترة حكمه غير ان الطبقات الدنيا والشعوب غير الفارسية التي ذاقت الامرين من سياساته الموالية للبطقات الميسورة والقائمة على التمييز ازاء القوميات غير الفارسية، لم تنس ماضيه الظالم والدامي.

فقد استغلت الجماهير مناسبة التشييع في طهران لتحولها الى مظاهراتواسعة معارضة للنظام الإيراني ومطالبة باطلاق سراح السجناء السياسيين وقادة الحركة الخضراء المسجونين منذ خمس سنوات. وهذا يعني ان الحركة الخضراء والحراك السياسي من اجل الديمقراطية في إيران لم تندثر خلافا لمزاعم النظام الإيراني بل تبرز الى السطح اينما وجدت منفذا لتعبر عن استياءها وسخطها ازاء نظام ولاية الفقيه الشمولي.

وبعد الفراغ الناجم عن وفاة علي اكبر هاشمي رفسنجاني، يجب على المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي المحاصر بين تنين الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في الداخل وافعى ترامب في الخارج ان يتخذ قرارا مصيريا وصعبا لانها تتأهب لإلتهام بيت المرشد الذي ينخره الفساد والقائم بقوة حراب الحرس الثوري.

فوفقا لما ذكرت، على خامنئي ان يختار اللعب باي من الورقتين: الاعتدال ام التشدد؟ ونحن نعلم انه الولي الفقيه المطلق وصاحب القرار والكلمة النهائية في الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية الهامة. وقد اجادولي الفقيه، اللعب على الورقتين منذ موافقته على ان يكون الاصلاحي محمد خاتمي رئيسا للجمهورية في الفترة 1997-2005 ومن ثم المتشدد محمود احمدي نجاد في الفترة 2005-2013. وقد ضمن خامنئي بتلك اللعبة شبه الديمقراطية، استمرار النظام الذي يقوده والحيلولة دون اي تغيير ديمقراطي حقيقي في البلاد. وعلى المستوى الخارجي هو الذي أمر باجراء مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان بعد ان شعر بوطأة العقوبات الاقتصادية الجسيمة المفروضة من قبل الدول الغربية وخطر الانهيار الاقتصادي للبلاد والسقوط السياسي للنظام. غير انه اضاع الفرصة لتحسين علاقات بلاده مع الولايات المتحددة الاميركية في عهد الرئيس اوباما، رغم مطالبة الرئيس الراحل لمجلس تشخيص مصلحة النظام هاشميرفسنجاني والرئيس الإيراني حسن روحاني بذلك. وهو يواجه حاليا افعى لايمكن التكهن بسلوكه وتحركاته.

فلم يحكم خامنئي لابالسلب ولابالايجاب على ترامب عندما تم انتخابه في اوائل شهر ديسمبر/كانون الاول الماضي، ويبدو انه سيلعب لعبته وفقا لما يظهره الرئيس الاميركي المنتخب من مواقف تجاه إيران بعد تسلمه السلطة في العشرين من هذا الشهر. فليس مستبعدا ان يغير دونالد ترامب منسياسات سلفه اوباما تجاه إيران، خاصة وان المرشحين لمناصب مفصلية في إدارته كوزيري الدفاع والخارجية يكنان العداء للنظام الإيراني. وهناك اسباب عديدة تساعد الإدارة الجديدة بان تنتهج مثل هذا النهج، منها اطلاق الصواريخ الباليستية من قبل الحرس الثوري ودعم الارهاب وتهديد دول الجوار وإنتهاك حقوق الانسان في إيران. فاذا اظهر ترامب موقفا متشدداخلال الاشهر المقبلة، فمن المؤكد ان يظهر خامنئي (ومن وراءه الحرس الثوري) ورقته المتشددة وهذا مايحبذه عادة المستبدون من امثاله. فهنا يمكن ان يشجع خامنئي شخصيات اصولية متشددة للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية كسعيد جليلي او ابراهيم رئيسي او حتى قاسم سليماني، الذي يحظى بشعبية بين المتشددين وفئات من الاصلاحيين والقوميين الفرسويمنع بذلك روحاني من الوصول الى سدة الرئاسة لفترة ثانية.

ولااستبعد ان يؤدي مثل هذا الخيار الى وقوع قلاقل واضطرابات من قبل مؤيدي الحركة الخضراء والمعارضة الإيرانية. وكما شاهدنا في مظاهرات تشييع رفسنجاني هناك قوة غضب وسخط كامنة في المجتمع الإيراني يمكن ان تتفجر في مثل هذه الحالات.

وفي الحالة الاخرى سيلعب علي خامنئي ورقة الاعتدال وذلك عندما يشعر بعدم وجود خطر من قبل دونالد ترامب، إما بفعل وساطة روسية او بطريقة اخرى. وهنا سيستمر حسن روحاني في رئاسته للجمهورية لفترة ثانية، غير ان خامنئي وقادة الحرس الثوري الداعمين له لايمكن ان يسمحوا ان يخلف المرشد الاعلى، شخص غير متشدد ( او ثوري اسلامي كما يصفونه) في اي مقدمات تخص تحديد خليفته وهذا ما سمعناه منهم كرارا.

– See more at: http://elaph.com/Web/Opinion/2017/1/1129526.html#sthash.CDAgtJvf.kpL66YZn.dpuf

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور