يوسف عزيزي
لست من المعتقدين بنظرية المؤامرة، لكن مسلسل سقوط النشطاء والقادة الاهوازيين، وضعني اشك في ماجرى ويجري في هذا المجال. خاصة بعد المكالمة التي جرت بيني وبين اثنين من اصدقائي مؤخرا على السكايب.
قلت لهما: بعد سقوط محمد نواصري في هولندا صريعا اثر مايوصف بجلطة في 2007 ومن ثم منصور السيلاوي الاهوازي في 2008 بسبب آخر، ومنصور مشرف (ابوسهيل) في 2012 بسبب ثالث واخيرا وليس آخرا، اصابة جاسم شديد زادة التميمي وعدنان سلمان بمرض خبيث، اخذت اشك في سقوط هؤلاء بين صريع ومريض.
نواصري مؤسس التيارالوطني الديمقراطي الاحوازي، والسيلاوي مؤسس حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي، ومشرف باحث اهوازي بارز وسجين سابق في السجون الايرانية، والتميمي برلماني اهوازي سابق وامين عام حزب الوفاق الاسلامي في الاهواز، وعدنان سلمان الامين العام الحالي لحزب التضامن الديمقراطي.
لكن السؤال المطروح هو: هل كل هذه الامور طبيعية؟ وانا اتمنى للصديقين جاسم (ابوحمزة) وعدنان (ابوفاروق) الشفاء وتجاوز المرض.
رد علي الاولي: اذا قبلنا جدلا ببعض تلك الحالات، فمرض صديقينا الاخيرين – التميمي وعدنان سلمان – مرض معلوم ومعروف، فلايمكن ان ننسبه لأحد وعلينا الابتعاد عن التشائم.
وتدخل الثاني: انا برأيي ان جميع الحالات مماثلة وكلها مدبرة من قبل اجهزة الاستخبارات الايرانية التي تخطط وتعمل ليل نهار للحيلولة دون تطور الحركة الوطنية الاهوازية وضرب رموزها الوطنية لانها حساسة تجاه العرب اكثر من اي قومية اخرى وتعمل بشكل مضاعف ضدنا وذلك بسبب ثرواتنا الهائلة.
واضاف: هذا الامر لم يكن مقصورا على الحركة الوطنية الاهوازية بل شمل كوادر وقادة المعارضة الايرانية وخاصة الشعوب غير الفارسية كما حدث لأمين عام الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني عبدالرحمان قاسملو وخلفه صادق شرفكندي وعبدالواحد ريغي، شقيق عبدالمالك ريغي من قادة جيش العدل البلوشي وهذا ضمن اكثر من 300 شخصية معارضة تمت تصفيتها جسديا في اوروبا والولايات المتحدة ودول اخرى خلال عمر الجمهورية الاسلامية.
قلت: اني متأكد بان وفاة منصور السيلاوي لم يكن طبيعيا وهذا ما تبين بعد وفاته وصداقته مع “كاظمي” الصحفي الهندي الموالي للنظام الايراني، لكن حول الاخرين لا املك ادلة دامغة تثبت التعمد في اغتيالهم.
الثاني قطع كلامي: فهل الاستخبارات تقدم ادلة في عملياتها، بل انها تخطط كجهاز واسع ومجهز بالعقول المخططة والاساليب المختلفة لمحو ماتصفهم باعدائها دون ان تبقي على اي اثر للجريمة، بل وانها تستفيد من تجارب السافاك في هذا الشأن.
واكدت لهما: سبق وعانى الاخ جاسم شديدزادة التميمي من نفس المرض قبل نحو عشر سنوات غيرانه قام بعملية جراحية لإستئصال القولون، لكن يبدو ان الامر لم ينته وهو حاليا في حالة لايحسد عليها مع الاسف.
وعارضنا الاول مرة اخرى مشددا: ان نظرتكما للامور تشائمية وتخلقون من الاستخبارات الايرانية غولا يعمل مايشاء.
فاضاف الثاني: هو بالفعل غول ويتغذى بالاموال الهائلة من الميزانية ومن ايرادات النفط، وكل العالم بل والايرانيين المعارضين يعرفونه جيدا، لكن يؤكدون ان عملياته ضدهم في الخارج انتهت نوعا ما منذ عهد الاصلاحيين. لكن هذه العمليات واعني الاغتيالات واختراق التنظيمات، لم تنتهي ضد نشطاء الشعوب غير الفارسية وخاصة العرب. وهم لايحتاجون الى جهد كبير وتخطيط معقد لتصفية الاهوازيين حيث الفضفاضية والعاطفية وعدم مراعاة الاحتياطات الامنية تساعدهم في اختراق مجموعاتنا ونشطاءنا وقادتنا بسهولة، لاننا لم نراع في علاقاتنا ونظرتنا للوافدين الجدد، القضايا الامنية الضرورية.
وقطع صديقنا الاول كلامه: يعني حضرتك تقول انه يجب ان ينقطعوا مع الناس تماما.
فرد الثاني: انا لااقول ذلك بل اعارض سلوك البعض وكاننا نعيش كعشائر اهوازية في المهجر ونفتح ابواب مجموعاتنا وبيوتنا لمن هب ودب دون التأكد من هويته ومهمته. اذ اخذت الاستخبارات ترسل عناصرها مرة باسم محللين ومرة باسم ثوريين واخرى باسم معتدلين وكل واحد يدخل المجموعات السياسية الاهوازية وفقا لهذه النزعات المتلبسين بها. بل واني اقولها بصراحة ان بعض عوائل القادة والنشطاء الممنوعة من الخروج ايضا تم ايفادها من قبل الاجهزة وهي تقوم بمهمتها ضد قادة هذه المجموعات تدريجا وليست مستعجلة في امرها.
وردا على سؤالي ما علاقة مرض بعض الاخوة بما تفعله الاستخبارات قال صديقنا الثاني: تتم عملية تسميم الاشخاص اما بواسطة الاكل او الشرب او حتى دس بعض السم في احذية البعض ليتسبب ذلك بامراض قلبية او خبيثة تؤدي بعد فترة – تستمر بين سنة وسنتين او اكثر – الى نتائج تريدها الاجهزة.
فقد طلبت من صديقي ان يقدم ادلة مقنعة – إن لم تكن دامغة – لدعم كلامه هذا كي لايكون الحديث جزافا. لكن ومن جانب آخر، ذكرني كلام صديقنا هذا بما قرأته عن سيرة حياة قائد حزب العمال الكردستاني التركي عبدالله اوجلان الذي كانت زوجته تتجسس عليه لصالح الحكومة التركية ولمدة 15 عاما حتى تم اعتقاله ضمن عملية معقدة قبل نحو 18 عاما. كما ماحدث للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات يقع ضمن هذه الدائرة كما اثبتت التحقيقات التي اجريت على جثمانه.
وفي نهاية الحديث قلت لصديقي: انا لااعتبر نفسي متشائم ولامتفائل بل واقعي في رؤيتي لهذه الامور. وبرأيي لايجب ان نخلق من الاجهزة الامنية، غولا يشلنا من الحركة خوفا منها، هذا من جهة ومن جهة اخرى لانستهين بها ونهمل مايصلنا من بعض الاصدقاء والمشفقين في الداخل والخارج حول بعض العناصر المشبوهة ونأخذ بعين الاعتبار ما نسمعه حول هؤلاء ونحتاط في سلوكنا معهم، لكن هذا لايعني تخوين اي شخص بشكل علني دون التأكد من انتمائه للاجهزة الامنية إما اثر تجربة شخصية او من قبل ناس موثوقين. فيجب ان نأخذ الحذر من اي شخص وصلت بنا الريبة فيه الى نسبة تصل الخمسين في المئة. انا مع الحذر ليس من قبل النشطاء في الخارج بل في الداخل ايضا، لانه اذا قبلنا منطق صديقنا الثاني معناه ان على الناشطين البارزين ان يحذروا ما يحاك ضدهم. ولاننسى العمليات التي تمت ضد بعض النشطاء والشعراء العرب في الاقليم تحت ستار حوادث سير وماشابه ذلك والتي ادت الى وفاتهم.
– See more at: http://elaph.com/Web/opinion/2015/6/1018413.html#sthash.lXYXgnBa.MQ5Xxmfh.dpuf