شهرين وشوية قبل قيام الثورة في ٢٢/١١/٥٧ إيراني، طلب مني بعض الشباب آنذاك والشياب حاليا ان نسير بين الاهواز والحميدية مشيا على الأقدام، مؤكدين على تجربتي السابقة في صعود الجبال والسير في غابات ايران وضعف السافاك. أصبحنا نحو ٨ او ٩ أشخاص وحددنا مفرق المحمرة والساعة ٨ صباحا انطلاقا للمسيرة. اجتمعنا هناك وإذا بأحد الأصدقاء، ط. ح، خارجا من محل للباجة في ال “سراه” مؤكدا انه نزل راس خروف كامل. فسألناه كيف تستطيع تمشي بعد الان، قال بالاهوازية: “حطني على يمناك” . فقد أضطررنا ان نمشي على حافة طريق الاهواز الخفاجية بسبب وجود تلال جبل ألمنيور ومخازن الأسلحة فيها( الزاغات) وإذا بالسيارات – ميني باصات وسيارات صغيرة- تزمر وتطلب منا الركوب معها. واحد يقول “تفضل آقاى عزيزي، ليش تمشون مشي” والثاني يصيح بصوت عالي ” تفضلوا كلكم عندي مكان” حتى تجاوزنا التلال وابتعدنا عن الطريق والدعوات التي لم تخلوا عن المحبة والاحترام. فاخذ صوت أبوسعيد يصدح بالغناء الريفي الاهوازي والآخر ينشد اناشيد فلسطينية حيث لم تكن آنذاك اناشيد اهوازية الا القليل جدا. فلما اتينا الى بستان خس للمراونة وسط الطريق انشغل الشباب باكل الخس بترابه ودون تنظيف، حتى جاءنا صاحب البستان غاضبا يلوح بمسحاته. فقد هدأناه ودفعنا له ثمن كل ما اكلناه من خس. ومن ثم سرنا صوب الحميدية حتى ان وصلنا في الساعة الثانية بعد الظهر الى بيت الملا هادي العفراوي لعلاقة نسبية تربطنا بهم. فلما رأى ابناء الملا ثيابنا المتربة سألونا عن السبب. فلما شرحنا القصة، قال احدهم: يجوز لم تكن لديكم نقود لأجرة السيارة” الكروة”. فلم يستوعبوا اننا مشينا نحو خمس ساعات كرياضة وليس شيء اخر. فالبعض منهم استوعب الامر بعد التوضيحات لكن نفر منهم ولايزال يسألنا: هل صحيح جئتوا مشيا على الأقدام من الاهواز للحميدية فانا ما استوعب الامر. بعد ذلك لفترة التقيت بالمرحوم حجي زوير نيسي ونقلت له قصة مسيرتنا فقال لي انه ولما كان يسكن في الخفاجية ويجلب الأبقار من هناك الى الاهواز مشيا على الأقدام في الأربعينيات من القرن الماضي كان يمشي الطريق خلال ١٢ ساعة معتبرا المدة التي قضيناه للمشي بين الاهواز والحميدية (نحو ٥ ساعات) مناسبة.فبهذه المناسبة اطلب من شبابنا ان يمارسوا رياضة المشي على الأقدام بشكل جماعي، خاصة والطقس سيعتدل بعد أسابيع والطرق متوفرة منها ما سرناه قبل أربعين سنة وكذلك الطرق الموازية للانهر وهي كثيرة بالإقليم. وعلينا ان نعلم ان رياضة تسلق الجبال والسير في الغابات والصحاري رائجة في طهران وسائر المدن الايرانية. فلذا على شبابنا ان يمارس الرياضة-من اي نوع كان -وهي مفيدة للتفكير وتحفيز العمل الاجتماعي والسياسي وذلك دون اثارة عناصر الأمن الحساسة على كل شيء حتى رياضتنا.