يوسف عزيزي دخل ظلمة سجن الأهواز وخرج منها بيوميات مضيئة

نشرت صحيفة ايندبندنت عربي في عددها الصادر امس الأربعاء مقالا عن كتابي الصادر عن دار المتوسط وذلك بقلم الناقد الأدبي البارز، عبده وازن


كتاب “وراء الشمس” حاز جائزة ابن بطوطة

عبده وازن  الأربعاء 10 يوليو 2019

حاز الكاتب يوسف عزيزي (الأهواز– إيران) جائزة “ابن بطوطة لأدب اليوميات المترجمة” للعام 2019 التي تمنحها دار السويدي في أبو ظبي عن كتابه “وراء الشمس” الذي نقله الى العربية من الفارسية عائض محمد آل ربيع وصدر في سلسلة “ارتياد الآفاق” ودار المتوسط. أرفق المؤلف العنوان الأول بعنوان ثان هو “يوميات كاتب أهواري في زنازين إيران السرية” موضحاً نوع الكتاب أو طبيعته. وهو فعلاً يتراوح بين أدبين: اليوميات والمذكرات، علماً أنه لم يدوّن الأيام التي كتب فيها هذا النص الجميل والقوي والجريء، بل شاءه أقرب إلى نص روائي يسرد فيه تفاصيل التجربة الأليمة التي كابدها في السجون الإيرانية، بين طهران والأهواز. ولا شك في أن الكتاب ينتمي أولاً وآخراً إلى “أدب السجن” الذي بات يملك تراثاً عالمياً هائلاً، في معظم لغات المعمورة.

ولئن كتب أدباء وشعراء إيرانيون كثر عن تجربة السجن في بلادهم سواء في عهد الشاه أم في عهد الجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه، فما يتميز به كتاب عزيزي هو كونه أول كتاب يدور في أجواء السجون الأهوازية، التي تختلف عن أجواء سجون طهران وبقية المناطق الإيرانية. فسجون الأهواز تقع في قلب المناطق التي كانت ولا تزال عربية على الرغم من السعي الدائم إلى فرسنتها وتحويل أهلها العرب إلى أقلية صغيرة عبر تذويبها وتبديدها. والأهواز كانت أصلاً مستقلة حتى الثلاثينيات بعد مصادرة هويتها العربية. ويوسف عزيزي هو أصلاً ابن إقليم عربستان الواقع في جنوب غربي إيران، الذي يسميه النظام إقليم خوزستان، بل هو ابن الخفاجية التي يسميها النظام سوسنجرد والتي يقع فيها السجن الذي يسميه “السجن السري” أو سجن سبيدار الرهيب.

لم يكن يوسف عزيزي غريباً عن عالم السجن، فهو أُوقف مراراً أيام الشاه وجرى التحقيق معه انطلاقاً من تهم وجهت إليه جراء المقالات التي كان يكتبها في الصحافة الإيرانية مدافعاً بإصرار عن الحقوق العربية للأهوازيين، وهذه قضية كانت ولا تزال تقضّ الحكم الإيراني. وكان على عزيزي أن يواصل “معركته” ونضاله في عهد الجمهورية التي نكثت بوعودها حيال حقوق الأهوازيين وتنكرت لها بعد استتباب الثورة الخمينية. لاحقت أجهزة الاستخبارات عزيزي وراقبته وضيقت عليه، فهو يمثل خطراً مزدوجاً بصفته كاتباً وصحافياً معارضاً، يملك علاقات متينة مع الإعلام العربي والعالمي، وابن الأهواز العربية في آن واحد. وكان عزيزي عضواً مؤسساً في اتحادَي الكتاب والصحافيين الإيرانيين، وأول عربي ينتخب عضواً في هيئة إدارة الكتاب الإيرانيين. وقد عمل في الصحافة الإيرانية والعربية قبل ثلاثة عقود وله حتى الآن خمسة وعشرون كتاباً، عطفاً على مئات المقالات بالفارسية والعربية. وعمل نحو اثني عشر عاماً في جريدة “همشري” اليومية التي أسهم في تأسيسها وتولى قسم العالم العربي فيها، ثم أعفي من عمله فيها العام 2004 في عهد محمود أحمدي نجاد، عقاباً له على نزعته الإصلاحية والليبرالية ومتابعته الحثيثة لقضايا الأقليات والقوميات وخصوصاً العرب في إقليم خوزستان أو عربستان. وفي الوقت نفسه راسل عزيزي صحفاً عربية عدة وكتب فيها مقالات، كان يجد القراء العرب فيها خير مقاربة للأوضاع السياسية في إيران ولأحوال الأقليات وعرب الأهواز. وكان يدأب على ترجمة الكتب والدراسات المهمة من الفارسية إلى العربية.

بين سجنين

أُوقف يوسف عزيزي في 25 أبريل (نيسان) 2005 في طهران واقتيد على الفور إلى سجن إيفين الشهير، لكنه قبل اعتقاله كان بدأ يعاني الكثير من التضييق والملاحقة، وهذا ما عاناه لاحقاً بعيد إطلاق سراحه في 28 يونيو (حزيران) 2005. وبين هذين التاريخين كابد الكاتب والصحافي أقسى أنواع التعذيب النفسي الذي يوازي التعذيب الجسدي. ولولا إصراره على نفي التهم التي كيلت إليه زوراً بجرأة وعناد، ولولا الدعم الإيراني والعالمي الذي تلقاه من مؤسسات ونوادٍ إنسانية، لقبع في ظلمة السجن ولم يتسنّ له الخروج. وقد وجّهت إليه تهمتان إحداهما باطلة تماماً وهي تزوير رسالة محمد علي أبطحي، مدير مكتب محمد خاتمي حينذاك، وإرسالها إلى الخارج، مما أدى إلى إشعال شرارة انتفاضة الشعب العربي في الأهواز في أبريل 2005. واحتوت الرسالة فكرة هدفها تغيير البنية السكانية في إقليم خوزستان (عربستان) مستقبلاً، بحيث يتحول المجتمع العربي من أكثرية إلى أقلية خلال عشر سنين. وهذا يعني القضاء على الوجود العربي في الإقليم. وعبّرت “لعبة التزوير” عن عمق الصراع الذي كان دائراً بين الإصلاحيين (محمد خاتمي) والمحافظين التقليديين الذين كانوا يهدفون إلى كسب أصوات عرب الأهواز المؤيدين للإصلاحيين في الانتخابات التي فاز بها لاحقاً أحمدي نجاد. ظنت السلطة أن الصحافي المعارض يوسف عزيزي قد يكون الضحية السهلة التي تقع عليها تهمة التزوير، فجعلوها ذريعة لسجنه والتحقيق معه إكراهاً. أما التهمة الثانية التي كيلت له فهي ضلوعه في تنظيم احتجاجات الشعب العربي التي انطلقت من مدينة الأهواز لتعم الإقليم كله.

أُدخل يوسف عزيزي أولاً سجن إيفين في طهران الذي تشرف عليه مباشرة أجهزة الاستخبارات الذي اقتيد إليه سابقاً. ثم راح يكتشف “طقوس” الأسر رويداً رويداً. عصبت عيناه ليس ليرى المكان الذي هو فيه فقط بل لئلا يرى وجوه المحققين القساة، فـ “نزع العصابة عن عيني الضحية يعني نزع النقاب عن وجوه الجلادين”. وما أن انتهى التحقيق الأول معه من دون أن ينتج منه أي اعتراف، حتى نقل بالطائرة إلى “السجن السري” في الخفاجية وهو سجن سيء السمعة. كانت الزنزانة ذات 24 متراً مربعاً ومدخل واحد ودورة مياه وتقع قبالة غرفة التحقيق، التي كان يتعاقب على ترهيبه فيها ثلاثة محققين، كانوا يمارسون عليه ما يسميه “حرباً نفسية” بغية إضعافه وإرهاق عريكته. والسجين غالباً ما تلفته للوهلة الأولى الكتابات المدونة على الجدران وقد أثرت هذه الكتابات بالسجين الجديد إيجاباً وبثت فيه مقداراً من الحماسة. واستوقفته جملة مكتوبة بالعربية المحكية مفادها “لا تحكِ، ستبكي”، وشرحها هو “لا تعترف للمحققين فتندم وتبكي”. وأثرت فيه أيضاً جملة أخرى تقول: “ثمينة أنت أيتها الحرية”. في السجن حرم عزيزي من الراديو والتلفزيون ومن الكتب والصحف. وحرم أيضاً من فترة التنزه التي هي من حقوق السجناء ولم يسمحوا له بها إلا بعد مرور خمسين يوماً. حتى نظارته أخذت منه وعندما طالب باستعادتها بُرّر له منعها في أنها من معدن ويمكن ابتلاعها للانتحار. حتى ساعة يده أخذوها منه كي يبيت خارج الزمن، لا يعرف الوقت، فيحل عليه سأم قاتل. هذا السأم كان يقاومه بالنوم ليس على سرير بل على الموكيت. يقول: “ليس من فرصة لتزجية الوقت غير النوم، أو محاولة النوم. حتى وإن قطع محاولتك طرق شديد”. وبعد مقاومته الضغوط والتعذيب والتهديد وإصراره على عدم الاعتراف بالتهم المزيفة التي كيلت له، قرّرت إدارة السجن نقله من الزنزانة الأولى ذات الأربعة وعشرين متراً التي سماها بـ “السويت”، إلى زنزانة ضيقة وخانقة ذات ستة أمتار، كانت تتحوّل إلى فرن عندما تنقطع الكهرباء، فتبلغ الحرارة الدرجة الخمسين، بلا مروحة ولو بدائية تحرك هواء الزنزانة، مما كان يجبره على خلع ملابسه. وكان يترجى السجانين أن يفتحوا الباب لتمر هبات نسيم تخفف من وطأة الصداع الذي يثقل رأسه. وكان المحقق يهدده بنقله إلى زنزانة تسمى “جحر الكلب” وفيها لا يمكنه إلا أن يجلس القرفصاء. ونزولاً عند إلحاحه على الحصول على الكتب قدم له السجان كتاب القرآن، وأحضر له نظارة من بلاستيك. وكان حصل بالسر على قلم فكتب بعض الملاحظات وبعض القصائد قبل أن يصادر منه. أما الذهاب إلى الحمام فكان مقصوراً على مرات ثلاث فقط في اليوم، ويقاد إلى الحمام معصوب العينين ولا تنزع العصابة إلا عندما يدخله، يقول: “كان الحمام فرصة لترى المحيط الخارجي من خلال نافذة تقع أعلى الجدار. إنه محيط الحرية الفسيح”. وفي هذه العزلة القاتلة كان أزيز عجلات عربة الطعام “يثير إحساساً ورغبة في نفسي مثل روائع باخ وبيتهوفن”. وكان في أحيان يلجأ إلى الغناء بصوت خفيض ليواجه وحشة الزنزانة مع أنه لا يملك موهبة الغناء، كان يغني لأم كلثوم وفيروز وناظم الغزالي وسواهم. وفي السجن كان يواجه نار المعاداة للعرب، وهي نار موجهة أيضاً ضد المواطنين العرب في إيران. علماً أن العرب في إيران يمثلون ثماني في المئة من السكان، وتضاف إليهم قوميات أخرى مثل الأتراك والأكراد والبلوش والتركمان.

تحقيق ليلي

كان المحقّقون يجرون أحياناً تحقيقهم معه بدءاً من منتصف الليل حتى يصيبه الوهن فيعترف بالتهمة المزورة، وكان هو يقاوم. ونتيجة هذه المقاومة قررت الإدارة إعادته إلى السجن الأول أو “السويت”، وكان هذا النقل تمهيداً لإخراجه. لكنه هذه المرة اكتشف معاناة جديدة هي كثرة الصراصير والسحالي التي كانت تتسلل إلى زنزانته وفراشه وطعامه. لكنه هنا استطاع الحصول على كتب ما كان ليقرأها خارج السجن، أربعة من تأليف آية الله مصباح يزدي وكتاب هو مذكرات آية الله القوجاني. وكان طلب دواوين سعدي وحافظ والبلخي ورفض طلبه.

وبعد أن سيم شتى ألوان التعذيب النفسي الذي يوازي التعذيب الجسدي قسوة، قرر إطلاق سراحه وأُخرج فعلاً في 28 يونيو (حزيران) 2005 ليعاني من ثم أحوالاً من التضييق منها مثلاً حرمان ابنته من حقها في دراسة مرحلة الماجستير في جامعة طهران وتوقيف ابنه في دمشق حيث كان يدرس في جامعتها بإيعاز من الاستخبارات الإيرانية. وقد أدت طرائق التضييق هذه إلى هجرته إلى لندن مع العائلة، ليواصلوا هناك حياتهم بعيداً من الاضطهاد والملاحقة.

يضم كتاب “وراء الشمس” وقائع عدة وتفاصيل لا تحصى، فهو فعلاً أقرب إلى سيرة مؤلفه الكاتب يوسف عزيزي داخل السجن الكبير الذي هو الجمهورية الإسلامية والسجن الصغير الذي هو سجن الخفاجية أو “السجن السري”. هذا كتاب يقرأ بفضول ومتعة على الرغم من مقدار الألم الكبير الذي كابده مؤلفه مثله مثل المثقفين والكتاب والصحافيين المعارضين الذين ما برح النظام يزج بهم في السجون.

الرابط

https://www.independentarabia.com/node/39941/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2%D9%8A-%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%B8%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%B3%D8%AC%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%B2-%D9%88%D8%AE%D8%B1%D8%AC-%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B6%D9%8A%D8%A6%D8%A9?fbclid=IwAR0Fe_iImZ8SLCTUMH3lpPbX9TMu2i60W-3HlxdAYqKmtOpNFEuMpFnxDAQ#.XSbRhYXfYwo.facebook

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور