مطالبات في لندن بوقف الانتهاكات ضد العرب في إيران وبمنحهم حصة من النفط
أكدت مجموعة كبيرة من الحقوقيين والمختصين بحقوق الإنسان أن العرب في إيران يتعرضون لحملة قمع ممنهجة وانتهاك لحقوقهم الإنسانية والسياسية والثقافية، مشددين على حجم الظلم الكبير والاضطهاد وحملات الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات الصورية الظالمة والقتل في حق العرب في إقليم الأحواز؛ حيث عمل النظام الإيراني على مدى سنوات طويلة على تهجير العرب وتغيير التركيبة السكانية وتحجيم اللغة العربية، والتفريس ونقل المياه واستغلال جميع الثروات الكامنة في الأحواز لصالح الأنظمة الإيرانية المتعاقبة ومن دون تنمية للأحواز أو أن تصل ثمارها إلى أهلها.
جاء ذلك في ندوة «انتهاكات حقوق الإنسان العربي في إيران… جذور المشكلة وآفاق الحل» التي عقدت في العاصمة البريطانية لندن أول من أمس، برعاية «الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان» وبمشاركة مع «مؤسسة تمدن»، و«المنتدى الثقافي العربي» في بريطانيا.
وتطرق المتحدثون إلى المظالم التي يتعرض لها الشعب العربي في إقليم الأحواز، وخطط النظام الإيراني في إضعاف العرب هناك وفصلهم عن محيطهم العربي.
وطالب يوسف عزيزي الباحث الأحوازي بسن قوانين تحظر العنصرية ضد العرب وسائر الشعوب غير الفارسية من قبل البرلمان الإيراني، لكنه قال: «أنا لست متفائلا بذلك، لأن البرلمان الإيراني الحالي وبهذه التركيبة لن يقوم بذلك». وأضاف: «يجب أن نناضل على مستوى طويل من أجل إرساء نظام لا مركزي في إيران؛ بما فيه تشكيل برلمان للشعوب في العاصمة ليقوم ذلك البرلمان بسن مثل هذه القوانين».
من جهته، طالب كريم دحيمي الناشط الحقوقي الأحوازي بالاعتراف بالشعب العربي الأحوازي في إيران، وأن يتضمن دستور إيران هذا الاعتراف، والحصول على الحكم الذاتي وتأسيس مجلس محلي مسؤوليته تشريع القوانين والإشراف على تنفيذ هذه القوانين. كما دعا إلى مساهمة الشعب العربي الأحوازي في مجلس الوزراء الإيراني وفقاً لنسبة السكان العرب في إيران، فضلا عن إتاحة التعليم في المدارس الابتدائية باللغة العربية، وفي المستويات الدراسية الأخرى يتم تعليم اللغة الفارسية بوصفها لغة ثانية.
وطالب دحيمي بتخصيص حصة كافية من عائدات النفط الإيراني لإعمار الإقليم وازدهار الصناعة والزراعة فيه، وإعادة الأسماء العربية للمدن والقرى الأحوازية التي تم تغييرها، وإعادة النظر في مسألة توزيع الأراضي مع الأخذ بعين الاعتبار ملكية الأراضي لمن يزرعها.
ونظّمت الندوة «الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان»، وحضرها عدد كبير من المهتمين بالشأن الإنساني والحقوقي، حيث سلطت الضوء على مسألة حقوق الإنسان العربي في إيران عبر محورين؛ الأول تطرق إلى «معاداة العرب في إيران عبر الخطاب العنصري متعدد الأبعاد»، للباحث يوسف عزيزي، والثاني سلط الضوء على «تسعة عقود من انتهاكات الأنظمة الإيرانية المختلفة ضد العرب الأحوازيين»، للناشط الحقوقي كريم الدحيمي.
وشهدت الندوة حفل إشهار «الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان» ومقرها جنيف، وتضمنت كلمة الإشهار، التي ألقاها الدكتور إبراهيم العدوفي استعراضاً موجزاً لرؤية الهيئة وأهدافها وبرامجها المستقبلية، بالإضافة إلى عرض موجز عن حالة حقوق الإنسان في اليمن تحت انقلاب ميليشيات الحوثيين.
وأكد الدكتور العدوفي أن المنظمة «ستشكل قيمة مضافة في تعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان»، وأنها ستعمل «على التركيز على قضايا حقوق الطفل والنزاعات المسلحة والمرأة، وقضايا الهجرة واللجوء، وستتفاعل مع الوثيقة العالمية التي أقرتها الأمم المتحدة مؤخراً، وهي الميثاق العالمي للهجرة، وغيرها من القضايا».
من جهته، أوضح نائب رئيس «مركز الدراسات والبحوث اليمني» الذي أدار جلسات الندوة الدكتور همدان دماج أن التعاطي مع «مسألة حقوق الإنسان العربي في إيران المعاصرة ينبغي ألا تكون مرتهنة بالتوتر السياسي القائم حالياً بين النظام الإيراني والعرب، لكن ينبغي النظر إليها بصفتها قضية إنسانية حقوقية مبدئية جديرة بالاهتمام لذاتها أولاً، لما تحمله من تاريخ طويل من المعاناة والنضال المستمر، وثانياً إنها إحدى القضايا العربية المغيبة عن الرأي العام العربي تحديداً ولسنوات طويلة لاعتبارات مبهمة تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء».
وقال إن «الدور الإيراني في التدخل ليس فقط في شؤون البلدان وسياسات الدول العربية، بل وفي تعميق الهوة الاجتماعية وتأجيج الصراعات المذهبية والطائفية، والمساهمة الفاعلة في الحروب الأهلية الكارثية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء، لا بد أن يلقي بظلاله أيضاً على مستقبل القضية الأحوازية، وعلى مدى تصعيد مستوى العنف والقمع الذي يمكن أن يتعرض له أبناء الأحواز في الفترة الحالية أو المقبلة من الأيام، وهو ما ينبغي التنبه له أيضاً».
بدوره، أكد رئيس «مؤسسة تمدن» البريطانية الدكتور محمود العزاني أن موضوع حقوق الإنسان «يجب أن يحظى باهتمام أكبر؛ سواءً أكان في موضوع الأحواز أم غيره، غير أن قضية الأحواز لها خصوصية، لأنها تقع في منطقة التماس التاريخي والحضاري بين العرب وإيران، ولما هو حاصل من توتر في العلاقات العربية – الإيرانية، وكيف أن كل هذا سينعكس سلباً على أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الأحواز».