العين الإخبارية – هشام رشاد
الثلاثاء 2018.4.3
لليوم الثامن على التوالي، تتواصل الاحتجاجات في إقليم الأحواز، الذي تقطنه أغلبية عربية بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران، ضد
سياسات التمييز والاضطهاد الممنهج التي تمارسها بحقهم سلطات نظام الملالي، إضافة إلى حرمانهم من مباشرة حقوقهم السياسية، والثقافية، والاجتماعية لطمس هويتهم العربية.
وفي واقعة مثيرة للجدل لترهيب وقمع المحتجين الذين لجأوا إلى الخروج في مسيرات ليلية خشية الملاحقة والاعتقالات، أضرم شخص النار في مقهى يدعى “النورس” يرتاده المواطنون العرب الأحوازيون بشارع كيان وسط مدينة الأحواز، ما أسفر عن مصرع 11 شخصا، وإصابة 5 آخرين، بحسب وكالة تسنيم الإيرانية.
فيما يتهم نشطاء إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي الاستخبارات الإيرانية بالتورط في هذا الحادث المتعمد.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية، نقلا عن محمد صفري قائد شرطة الأحواز، أن السلطات اعتقلت موظفا سابقا في المقهى، للاشتباه بتورطه في تلك الواقعة.
وادعت أن ذلك الموظف أقدم على تلك الخطوة بسبب خلافات مالية، بينما أكدت وكالة أنباء ميزان، التابعة للقضاء الإيراني، الثلاثاء، أن هناك تعمدا في دوافع الجاني لارتكاب تلك الواقعة، لافتة إلى أن المقهى المذكور يقع بحي الثورة والذي تسكنه أغلبية عربية.
ولفت نشطاء أن هذه الواقعة ليست الأولى من جانب سلطات نظام الملالي، حيث دهست سيارة مجهولة عمالا أحوازيين بشركة لصناعة الفولاذ، قبل نحو 3 أسابيع، خلال مطالبتهم بالحصول على رواتيهم المتأخرة لعدة أشهر.
بينما حذرت لجان حقوقية من أساليب استخبارات النظام لترهيب وقمع الحركة العمالية في البلاد.
ومع امتداد نطاق التظاهرات إلى مدن أخرى مثل عبادان، ومعشور، وشيبان، والحميدية، يشير نشطاء بحسب مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق هذه الاحتجاجات، إلى إرسال تعزيزات من قوات الشرطة الإيرانية ترافقها عناصر من مكافحة الشغب إلى مدينة عبادان، بهدف بث الرعب وإشاعة أجواء من الخوف بين المحتجين لمنعهم من الخروج بمسيرات احتجاجات عادة ما تخرج مساء، على حد قولهم.
وفي تعليق له على ملابسات واقعة حريق مقهى “النورس”، لم يستبعد يوسف عزيزي، رئيس مركز مكافحة العنصرية ضد العرب في إيران، أن الحادث -رغم طابعه الجنائي بعد هجوم شاب على المكان باستخدام البنزين في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، بدعوى خلافات مالية- يكون من تدبير ميلشيات البسيج أو الاستخبارات التابعة للحرس الثوري.
ورجح عزيزي المعارض لنظام الملالي في اتصال هاتفي مع “العين الإخبارية” تجنيد أجهزة الاستخبارات الإيرانية للجاني بشكل غير مباشر واستغلال ظروفه المالية، لافتا إلى أن لهم تجارب طويلة وأساليب ملتوية في هذا الصدد.
ولفت إلى ضلوع الاستخبارات الإيرانية في واقعة تفجير مرقد علي الرضا، الإمام الثامن لدى الشيعة في يونيو/حزيران عام 1994، لاتهام منظمة مجاهدي خلق خلال ولاية الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني.
كما أكد في تصريحاته أن وقوع مثل هذا الحادث بمقهي يرتاده مثقفون ونشطاء أحوازيين تزامنا مع انتفاضة إقليم الأحواز، يثير عديدا من التساؤلات، خاصة وأنه لم يسبق وقوع مثل تلك الأحداث المروعة على مدار السنوات الماضية، بحسب قوله.
وفي السياق ذاته، أشار عزيزي المعارض للملالي، إلى تجاهل وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية الأحداث تماما داخل إقليم الإحواز، لاسيما مع استمرار الاحتجاجات حتى ليل الإثنين، منوها بأن وجود حالة التعتيم الإعلامي هو نتاج عداء للقومية العربية داخل إيران.
وفي الوقت الذي تلاحق السلطات الإيرانية المراسلين الأجانب داخل البلاد للتضييق عليهم، شدد يوسف عزيزي في اتصاله مع “العين الإخبارية”، على أن هناك مراسلين إيرانيين تابعين لوكالات أجنبية يتعمدون عدم الحياد أو الإفصاح عن حقيقة الأحداث داخل الأحواز من حيث كونها انتفاضة ضد الظلم والقمع والاضطهاد، بسبب حالة من “الشوفيينة الفارسية” لديهم تجاه الأقليات، لافتا إلى أن بعضهم مقرب للأجهزة الأمنية في البلاد.
وكشف رئيس مركز مكافحة العنصرية ضد العرب في إيران عن اعتقال قوات الشرطة والاستخبارات التابعة للحرس الثوري نحو 160 ناشطا أحوازيا على مدار الأيام الماضية، خشية اتساع نطاق الاحتجاجات، سواء من منازلهم أو مقر عملهم، متوقعا ارتفاع تلك الأعداد، مع تصاعد الأحداث داخل مدينة عبادان، التي وصف مشاركة سكانها وخاصة النساء في الاحتجاجات بـ”المفاجأة”، لكونها تعاني من سطوة أمنية مستمرة.
وأشار في معرض حديثه إلى واقعة إحراق سينما تدعى ريكس بوسط عبادان في أغسطس/آب عام 1978، والتي راح ضحيتها أكثر من 400 شخص، مؤكدا أنها كانت بتدبير من الاستخبارات الإيرانية لتوريط نظام الشاه قبيل أشهر من هيمنة رجال الدين على سدة الحكم في إيران.