يوسف عزيزي
جريدة “الزمان” الدولية – العدد 4121 – التاريخ 13/2/2012
ضمت الامبراطورية الفارسية منذ نشأتها، العديد من الشعوب والقوميات، اذ قدمت القبائل الفارسية منذ نحو ثلاثة آلاف سنة الي هضبة وصفت فيما بعد بهضبة ايران. لكن قبل الفرس، كان السكان الأصليون من مختلف العرقيات يقطنون هذه المنطقة، كالعيلاميين، والكاسيين، والميديين، وغيرهم. ويشهد تاريخ الأسر الحاكمة في الامبراطورية الفارسية ــ باستثناء فترات قصيرة ــ تولي حكام مستبدين ودمويين، اذ باتت تمثل هذه الامبراطورية نموذجا بارزا للاستبداد الأسيوي. فصاحب عرش الطاووس، ملك الملوك »الشاهنشاه« كان يتمتع بصبغة الهية وهو يقوم بتعيين الملوك في الممالك والأقاليم التابعة له والمعروفة ب”ساتراب” في ايران القديمة؛ الملوك الذين حظوا بهامش وسيع من الصلاحيات في اقاليمهم غير انهم كانوا تابعين للحاكم المطلق اي الشاهنشاه. كان هذا النظام قائما منذ عصر الأخمنيين الي العصر الساساني »من القرن الخامس قبل الميلاد الي القرن السادس الميلادي«، غيرانه شهد بعض التغيرات بعد الفتح الاسلامي لايران؛ بيد أن الاقاليم ظلت تتمتع بقدر من اللامركزية. انتهج مؤسسو السلالة الصفوية » اوائل القرن السادس عشر حتي اوائل القرن الثامن عشر« النموذج الاداري والسياسي المعتمد من قبل الملوك الساسانيين في ادارة الولايات والاقاليم. كانت تتكون ايران خلال الامبراطورية الصفوية من أربع “ممالك” هي: مملكة عربستان »اقليم خوزستان حاليا«، ومملكة أردلان »اقليم كردستان حاليا«، ومملكة جورجيا »جمهورية جورجيا الحالية« ومملكة خراسان »الكبري«. وكانت هذه التقسيمات الادارية قائمة حتي اندلاع ثورة الدستور في ايران »1906 ــ 1909«.
قامت الامبراطورية الفارسية »ايران« ــ شأنها شأن العديد من الامبراطوريات في العالم ــ علي أساس الفتوحات والاستيلاء علي اراضي الغير، ولقد شهدت هذه الامبراطورية علي مدي القرون المنصرمة، انضمام و انفصال العديد من الأقاليم والأمم عنها.
دور الشعوب غيرالفارسية
في ثورة الدستور
في عهد السلالة القاجارية »اواخر القرن الثامن عشر حتي 1921«، أطلق عنوان “الممالك الايرانية المحروسة” علي الامبراطورية الفارسية، اذ جاءت هذه التسمية في نص الدستور الذي تمت صياغته بعد قيام ثورة الدستور في العام 1909. وكانت الامبراطورية القاجارية تتشكل من ست “ممالك”: مملكة عربستان، ومملكة أردلان، ومملكة جورجيا، ومملكة أذربيجان، ومملكة غيلان، ومملكة خراسان. وقد انحسرت هذه الامبراطورية بعد انفصال مملكة جورجيا وأجزاء من مملكة خراسان الكبري، اي اقليم هرات في القرن التاسع عشر الميلادي وهذا الاقليم تابع حاليا لجمهورية افغانستان. وكان يتمتع الحكام المحليون في هذه “الممالك” المتحدة بصلاحيات واسعة، وانطبق هذا الأمر علي حكام عربستان وجورجيا أكثر من غيرهم. واللافت للنظر أن جغرافية هذه الممالك الست تؤكد علي تعدد وتنوع الشعوب القاطنة في ايران في تلك الحقبة، حيث العرب في عربستان، والجورجيون في جورجيا، والأكراد في أردلان، والأتراك في أذربيجان، والغيلك في غيلان، والفرس في خراسان. واكدت حركة التمرد التي قادها ميرزا كوتشك خان بعد الحرب العالمية الاولي في غابات اقليم غيلان »شمال ايران« اكدت في برامجها علي المطالب القومية للشعب الغيلاني، كما طالبت هذه الحركة باقامة حكم ذاتي في مملكة غيلان والاعتراف باللغة الغيلكية كلغة رسمية في تلك المنطقة.
معظم الشعوب القاطنة في ايران ساهمت بشكل او آخر في ثورة الدستور، اذ كان لبعد أو قرب المسافة من العاصمة طهران تأثيرا هاما في مستوي انخراط الاقاليم في تلك الثورة، وذلك نظرا لضعف الاتصالات ووسائل الاعلام آنذاك. يذكر المؤرخان الايرانيان البارزان أحمد كسروي وحسين مكي بأن بعض حكام الممالك مثل الشيخ خزعل بن جابر ــ امير عربستان ــ قدموا مساعدات مالية الي الثوار، ويعتبران الامر هو مشاركة غيرمباشرة في ثورة الدستور. كان الشيخ خزعل يؤمن بأن مصالحه ومصالح الشعب العربي الاهوازي تكمن في اقامة نظام لامركزي، وقد اثبتت الأحداث اللاحقة بأن خشيته من رضا شاه »مؤسس السلالة البهلوية« ودعمه لأحمد الشاه القاجاري »آخر ملوك القاجار« كانت في محلها.
وقد لعبت الشعوب غيرالفارسية دورا بارزا وفاعلا في ثورة الدستور من خلال المساهمة الفاعلة في مواجهة الاستبداد القاجاري، اذ يشهد التاريخ علي الدور الذي قام به الأتراك في أذربيجان، والغيلك، والبختياريون، والأرامنة في ثورة الدستور، كما انخرط علماء الدين السنة البلوش، والزرادشتيه، والبهائيون في هذه الثورة، مما يدل علي التعدد القومي والمذهبي للمشاركين في ثورة الدستور.
كانت المادة الخاصة بانشاء مجالس الولايات والأقاليم »انجمنهاي ايالتي وولايتي« في دستور الثورة الدستورية تلبي وبشكل نسبي أهداف القادة العرب، والبختياريين، والغيلانيين، والأذربيجانيين انذاك. ولكن هذه المادة لم تطبق أبدا، لا في عهد الشاه رضا البهلوي »1925 ــ 1941« ولا في عهد نجله محمدرضا البهلوي الذي اسقطته الثورة الاسلامية في فبراير 1979.
يعتبر البعض ثورة الدستور »1906ــ 1909« بأنها ثورة ضد الاستبداد، فيما يذهب آخرون الي اعتبارها ثورة وطنية ــ ديموقراطية. لاتناقض بين هاتين النظرتين بالتأكيد، اذ ان الطابع المناهض للاستبداد في ثورة الدستور وطابعها الديموقراطي لايختلفان بعضهما عن بعض. بيد أن الطابع “الوطني” لثورة الدستور افتقر الي تفسير واضح، بل كانت تدور بالأحري تصورات مختلفة حوله، اذ تبني الشوفينيون الفرس فكرة عن الثورة تعود بالبلاد الي العصر القديم »قبل الاسلام« وسياسة اللغة الواحدة »الفارسية« والقومية الواحدة، وروجوا لها، فيما كانت الشعوب غيرالفارسية تمني نفسها بتطبيق مادة مجالس الولايات والأقاليم. قد يكون عدم تطور الوعي القومي بين الشعوب غيرالفارسية اتذاك، أحد الأسباب الذي أدي الي عدم تأكيد هذه الشعوب علي حقوقهم القومية في القوانين الجديدة، كما أن الشعوب القاطنة في دول الجوار والتي تشاطر نظيراتها الايرانية في اللغة، لم تكن وصلت بعد الي سدة الحكم ولم تحصل علي حقوقها. لم ينل الشعبان الكردي والعربي في العراق، والشعب الأذربيجاني في شمال ايران، والشعب البلوشي في شبه القارة الهندية، والشعب التركماني في شمال ايران حقوقهم بعد. كما أن ظاهرة العولمة بشكل عام ووسائل الاعلام والتكنولوجيا الاتصالات خاصة لم تكن متطورة كما هي الآن.
الشاه رضا البهلوي مؤسس المشروع المعيوب للدولة ــ الأمة في إيران
لقد أفضت الفوضي الناجمة عن ثورة الدستور والخلافات الدائرة بين الأحزاب والمجموعات السياسية وتدخل الدولتين الاستعماريتين روسيا القيصرية وبريطانيا، أفضت في نهاية المطاف الي تحويل مسار الثورة الدستورية التعددية المناهضة للاستبداد، الي انقلاب قام به الضابط في جيش القزاق رضا خان وارساء ملكية استبدادية جديدة متوجا نفسه باسم الشاه رضا البهلوي. ولايخفي عن أحد الدور الذي قام به اردشير جي ــ وهو من الفرس الزرادشت المهاجرين الي الهند وعامل الاستعمار البريطاني ــ من أجل صعود نجم رضا خان الذي قام هو ومنظرون قوميون يشاطرونه الرأي، بتحويل نظام “الممالك الايرانية المحروسة” الي “النظام الشاهنشاهي”، اذ اتخذ من عبارة “شعب واحد، لغة واحدة ودولة واحدة” شعارا له متخطيا التنوع القومي والاثني في ايران. وقام نظام السلالة البهلوية علي أساس المركزية الحديدية للسلطة السياسية والثقافية والادارية في العاصمة طهران.
لقد دشن الشاه رضا البهلوي البنية التحتية للاقتصاد الحديث في ايران؛ وعمد الي انشاء سكك الحديد الممتدة من شمال البلاد الي جنوبها، وكذلك الطرق والجسور، واسس جيشا نظاميا حديثا وذلك بهدف تكوين أسس الدولة ــ الأمة في ايران. قام الشاه رضا بتطبيق التجربة الذي قادها كمال أتاتورك في تركيا، وأخذ يقلد التجربة التركية تقليدا أعمي وسعي الي حصر المجتمع الايراني القائم علي التعددية اللغوية والاثنية في خانة ضيقة تتضمن لغة واحدة وقومية واحدة هي الفارسية. قاد الشاه رضا البهلوي، هذه العملية من خلال حربه ضد التعددية الاثنية والقومية من جهة ومكافحة التعددية السياسية والثقافية في ايران من جهة اخري. ولم يتمكن البهلوي الاول من انجاز هذه الامور لولا مساعدة المفكرين والمنظرين القوميين المتشددين من الفرس. فلايتسع هذا المقال لوصف الاجراءات والجرائم التي ارتكبها رضا شاه ونجله محمد رضا شاه بحق الشعوب غيرالفارسية.
لقد حمل رضا شاه ونجله محمد رضا كباقي أسلافهم، عنوان الشاهنشاه اي ملك الملوك، غير أن سلطتهما لم تكن علي ملوك أو حكام للممالك في الامبراطورية الايرانية، بل شملت فقط حكام محافظات لم يتمتعوا بأي نوع من الصلاحيات، ولم يكن العديد منهم الا مجرد خادم وخاتم في اصبع الشاهنشاه. وسيكون اطلاق عنوان “الديكتاتور” علي الشاه رضا ونجله أدق تعبيرا بالمقارنة مع الملوك المستبدين الذين حكموا ايران قبل وبعد الفتح الاسلامي.
الثورة الإسلامية والقوميات غير الفارسية
تعد حقبة حكم البهلوي »1925 ــ 1979« فترة حالكة في تاريخ الشعوب غيرالفارسية في ايران، اذ لحقت خلال هذه الحقبة التاريخية أضرار بالغة بهذه الشعوب. لقد فشل مشروع الدولة ــ الأمة القائم علي حصر ايران في اطار لغة واحدة وشعب واحد فشلا ذريعا، وذلك بسبب التناقض بين شكل النظام الحاكم وواقع المجتمع الايراني ذات التعددية الاثنية والقومية. ويعد انبثاق حركات الشعوب غير الفارسية في الأربعينيات من القرن العشرين من الاشارات الأولي لفشل هذا المشروع.
كانت الطاقة المتفجرة الناجمة عن الاستياء الوطني والقومي ــ بمعناه التعددي – احدي المصادر الرئيسية لثورة فبراير 1979 المعروفة بالثورة الاسلامية. لقد شاركت الشعوب المختلفة في ايران في ثورة فبراير 1979، شأنها شأن ثورة الدستور، غير أن المشاركة في الثورة الاسلامية كانت اوسع مما كان في ثورة الدستور. وتمكنت القوي السياسية التابعة للشعوب غيرالفارسية وبدعم من قوي اليسار الايراني، التأثير علي الدستور ــ الذي تمت صياغته في عام 1980 ــ لصالحها بعض الشيء، لكن هذا التأثير لم يرتقي الي مستوي يضمن الحقوق التاريخية للشعوب غيرالفارسية.
وأشير هنا الي تجربتي الشخصية بشأن صياغة دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية. لقد حضرت شخصيات بارزة ومجموعات سياسية من الشعوب غيرالفارسية الاجتماع الذي انعقد في يوليو/تموز من عام 1980 في نادي الأساتذة بجامعة طهران، وذلك بهدف اعداد الدستور للجمهورية الاسلامية الايرانية. وقام الدكتور كريم لاهيجي، والدكتور هدايت الله متين دفتري، والدكتور حسام الدين صادق وزيري بتنظيم الاجتماع المذكور، اضافة الي الدكتور حسن حبيبي، وهو صاحب المبادرة بشأن اعداد مسودة الدستور الايراني والتي لم تتضمن مبدأ “ولاية الفقيه”. واصبح حسن حبيبي فيما بعد نائبا للرؤساء السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي. وكان الاجتماع من أجل مراجعة المسودة التي صاغها حسن حبيبي. لقد شارك مندوبان عن تركمان ايران، هما طواق واحدي، وجرجاني، ومندوبان عن الاتراك الأذريين هما الدكتور جواد هيئت والدكتور نُطقي، ومندوب عن الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني جليل غاداني، ومندوب عن حزب كومله صديق كمانغر، ومندوب عن منظمة فدائي الشعب فرع كردستان بهروز سليماني، اضافة الي صاحب هذا القلم وأحد الأصدقاء بالنيابة عن عرب الأهواز. كما حضر الاجتماع عدد من الأحزاب اليسارية، والليبرالية، والقوي الاسلامية الثورية.
كانت مطالب ممثلي الشعوب غيرالفارسية ــ ونسيت أسماء البعض منهم ــ تتمحور حول منح الحكم الذاتي لهذه الشعوب، غير أن مؤسس الجمهورية الاسلامية الايراينة آية الله الخميني وأنصاره من رجال الدين أجروا بعض التعديلات علي مسودة الدستور التي قدمها حسن حبيبي، وأدرجوا مبدأ ولاية الفقيه في الدستور. وهكذا تم اختزال حقوق أكثر من خمسين بالمائة من المواطنين أي الشعوب غيرالفارسية في مادتي الخامسة عشرة والتاسعة عشرة من الدستور، واللتين لم يتم تطبيقهما أبدا، وذلك بعد مرور ثلاثة وثلاثين عاما من قيام الثورة في ايران، رغم ان هاتين المادتين لم تتضمنا الا قدرا ضئيلا من حقوق القوميات غير الفارسية.
تميزت الأجواء السياسية خلال العامين التي تلت الثورة بالانفتاح نسبيا، اذ حاولت الحركات القومية للشعوب غيرالفارسية ايصال صرخة الاضطهاد الذي تعاني منه الي العالم، غير أن النظام الجديد شأنه شأن النظام الملكي المنهار، واجه تلك الحركات بالرصاص، والاعتقالات، والمنفي، والاعدامات. تم ابعاد الزعيم الروحي والسياسي لعرب الأهواز آية الله محمد كاظم الشبير الخاقاني والزعيم الروحي للاتراك الأذريين آية الله كاظم الشريعتمداري، بشكل غير لائق الي منفي في مدينة قم بهدف التخلص منهما. ونفذت السلطات الثورية الجديدة عملية اغتيالات بحق القيادات السياسية للشعب التركماني وهم توماج، ومختوم، وواحدي، وجرجاني وألقت بجثثهم تحت أحد الجسور ليلا، كما لقي أحمد مفتي زاده و رجل الدين عز الدين الحسيني وهما من القيادات السنية الكردية، و رجل الدين السياسي البلوشي المولوي عبدالعزيز مصيرا مشابها، اذ أعدمت السلطات شقيق المولوي عبدالعزيز، وقتلت مفتي زاده في السجن، ودفعت بعزالدين الحسيني الي الخروج من البلاد، حيث توفي في المهجر. لم يكن يطالب هؤلاء القادة بالانفصال عن ايران، بل عبروا في الأجواء السياسية والمذهبية السائدة ابان ثورة فبراير، عن مطالب الشعوب العربية، والتركية الأذرية، والكردية، والبلوشية، والتركمانية المضطهدة في ايران.
لم يتوقف أبدا نضال الشعوب غيرالفارسية خلال العقود الثلاثة المنصرمة، بل ناضل نشطاء هذه الشعوب طوال هذه العقود وخاصة خلال الحركة الاصلاحية التي شهدتها البلاد في العقد ونصف العقد الماضي الي جانب سائر القوي السياسية الايرانية من أجل نيل حقوقهم القومية المهضومة.
أدي قمع الحركة الاصلاحية واحباط الشعوب غيرالفارسية من هذا الحركة بسبب عدم تطبيق المواد الدستورية الخاصة بالقوميات، أدي ببعض أطياف حركة الشعوب غير الفارسية نحو التطرف. كما لم تتمكن الحركة الخضراء ــ وهي استمرار للحركة الاصلاحية ــ التخفيف من وطأة الاحباط الذي اعتري الشعوب غيرالفارسية. وبرغم التجاوب الذي أبدته أطياف من الشعوب غيرالفارسية مع الحركة الخضراء، غير أن عدم شفافية قادة الحركة الخضراء في تبني المطالب التاريخية للشعوب غيرالفارسية أفضي الي انحسار هذه الحركة فعلا في طهران وبعض المدن الفارسية في وسط ايران كاصفهان وشيراز.
يتمحور الشعار الرئيسي لحركة الشعوب غيرالفارسية في الوقت الحاضر حول اقامة نظام تعددي، وفيدرالي، وديموقراطي في ايران. وتتوقع هذه الحركة من الحركة الخضراء وسائر القوي المعارضة التجاوب مع هذا المطلب. وسيدفع عدم استجابة قوي المعارضة الايرانية مع مطالب حركة الشعوب غيرالفارسية، سيدفع هذه الحركة الي اخذ مواقف اكثر راديكالية قياسا بالماضي. وبعبارة أخري ان حراس المبني الاعوج للدولة – الأمة في ايران يمتنعون حتي عن اصلاح هذا المبني، وبالتالي ان هذا الهيكل السقيم الذي تم تأسيسه علي يد المهندسين العنصريين من الفرس منذ العشرينيات من القرن العشرين سيظل مائلا ومعوج. لقد تم تدشين هذا الهيكل علي العظام المتهشمة والحناجر المذبوحة لنشطاء الشعوب غير الفارسية المغلوبة علي أمرها، اذ لايمكن لهذا المشروع السقيم أن يبقي شامخا للأبد. وسيكون الانهيار، مصير مشروع الدولة ــ الامة في ايران، اذا لم يكف قادة القومية المهيمنة عن اطلاق أحكام مسبقة ، واعتبار هذا المشروع السقيم بأنه سليم واذا استمروا في تجاهل الصرخات المنادية بالتكافؤ من قبل الشعوب غيرالفارسية. يعتبر انفصال جنوب السودان أحدث ظاهرة تحمل في طياتها العبر والدروس، وتظهر هشاشة مشاريع الدولة ــ الأمة في منطقتنا.
كاتب وصحفي من عربستان، عضو اتحاد الكتاب الايرانيين، عضو رابطة الكتاب السوريين، عضو فخري في رابطة القلم البريطانية وامين مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران.
تنشر النسخة الفارسية لهذه المقالة بالتزامن مع صحيفة الزمان في مجلة “باران” الايرانية الصادرة في السويد.