كيف يواجه روحاني، التحديات الهائلة؟

يوسف عزيزيRohani H4
العرب [نُشر في 29/07/2013، العدد: 9278، ص(9)]
يبدأ حسن روحاني يوم الرابع من أغسطس/آب المقبل أعماله كرئيس جديد للجمهورية الإيرانية بعد مراسم التحليف أمام البرلمان الإيراني. ويأتي انتخاب حسن روحاني ضمن رفض شعبي عام للمتشددين الحاكمين في البلاد وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي. ولم يبدأ هذا الرفض، اليوم وأمس بل يعود إلى عام 1997 حين صوتت الجماهير الإيرانية لأول مرة للمرشح المستقل محمد خاتمي ضد علي أكبر ناطق نوري المرشح المدعوم من قبل السلطة والمرشد الأعلى.
وقد أكد الإيرانيون رفضهم للمتطرفين في عدة انتخابات رئاسية تلت ذلك، إلا أن النظام الإيراني قام بسحب اسم المتشدد أحمدي نجاد من صناديق الانتخابات عامي 2005 و2009 ليصبح رئيسا على إيران. والجميع يتذكر المظاهرات والتضحيات التي قدمتها الجماهير المحتجة على التلاعب بأصواتها عام 2009.

ويواجه روحاني تركة اقتصادية ثقيلة باقية من نجاد، بما فيها نسبة مرتفعة من التضخم والبطالة هي الأعلى في المنطقة. ونحن نعلم أن أهم عامل حث الناس للتصويت لصالح روحاني هو تأكيده على حل المشاكل الاقتصادية للبلاد عن طريق الوصول إلى تسوية مع الدول الغربية التي تفرض عقوبات ضد إيران بسبب ملفها النووي. كما أنه وعد بانفتاح الأجـواء السياسية ومنح الشعوب غير الفارسية بعض حقوقها القومية.

لكن حسن روحاني ورغم أكثرية الأصوات التي حصل عليها، يواجه خصوما شرسين لا ينوون التسليم أمام فوز مرشح معتدل- إصلاحي، انتقد خلال حملته الانتخابية أساليبهم المتشددة في إدارة البلاد.

ومن أهم التحديات أمام تنفيذ وعود روحاني، هي الدولة الموازية وعلى رأسها المرشد الأعلى علي خامنئي. وفي الحقيقة خامنئي هو الذي ساند نجاد في كل ما فعله في مجال السياسة الخارجية والداخلية ولم يختلف معه إلا خلال العامين الأخيرين وحول قضايا تتعلق بشؤون تركيبة الحكومة والوزراء فقط. بل قام بتأييد آدائه خلال الأيام القليلة الماضية. كما وصف خامنئي في لقائه مع المسؤولين الإيرانيين يوم الأحد الماضي 21 يوليو، الوضع في إيران بالجيد. وعبر المرشد الأعلى في هذا اللقاء عن تشاؤمه إزاء المفاوضات مع الولايات المتحدة. وخامنئي بهذا الكلام يريد أن يقول للشعب- إذا فشلت المفاوضات- بأنه تكهن ذلك، لكن إذا نجحت سيسجلها باسمه. وهو الذي يملك صلاحيات كبيرة دون أي محاسبة ومسؤولية أمام البرلمان والشعب خلافا لرئيس الجمهورية.

في الحقيقة لا يريد خامنئي لأي مفاوضات مع الولايات المتحدة أن تؤدي إلى استئناف العلاقات بين البلدين، بل يريدها مهلة تنفيس وأخذ الامتيازات من الغرب مقابل بعض التنازلات غير الأساسية وفي إطار الملف النووي فقط. إذ يعرف خامنئي أن استمرار وجوده على السلطة في إيران منوط بالخطاب العدائي للغرب والولايات المتحدة المستمر منذ 3 عقود، وأي انتهاك لهذا المبدأ سوف يؤدي إلى التشكيك في شرعيته في إيران.

وقد أثارت تصريحات خامنئي هذه، غضب المعارضة الليبرالية والإصلاحية والبراغماتية التي تبحث عن سبل لتحسين الوضع الاقتصادي للناس بواسطة تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

وتلى ذلك هجوم شنه رئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجاني، محذرا من صحوة القوى الإصلاحية والعلمانية في إيران بعد انتخاب روحاني رئيسا للجمهورية. إذ قال لاريجاني الثلاثاء الماضي: «في الفترة الأخيرة استعاد أهل فتنة عام 2009 والتيار الإصلاحي الذين يؤمنون بتعميم العلمانية في البلاد وهم المعارضون لنهج الإمام الخميني، استعادوا أنفاسهم، وكأنما أفعى روحهم شعرت بالدفء وتحركت». ويعني بأهل الفتنة عام 2009، الحركة الخضراء الموالية للمرشح الرئاسي مير حسين موسوي الذي رفض نتائج الانتخابات متهما الحكومة بتزويرها.

لكن الهجوم على الإصلاحيين ومناصري هاشمي رفسنجاني الذين ساندوا روحاني في حملته الانتخابية لم يقتصر على هؤلاء، بل شمل صحيفة كيهان المتشددة وبعض أئمة المدن. وتتم كل هذه الأمور من أجل إثارة الوقيعة بين روحاني ومؤيديه من إصلاحيين وبراغماتيين وموالين للحركة الخضراء كي تتمكن القوى المتطرفة من احتوائه.

في الواقع لم يتوان مؤيدو المرشد الأعلى والمنتفعون من الوضع الاقتصادي والسياسي المزري في إيران عن هجماتهم ضد القوى الطامحة للإصلاح والتغيير، لكن السؤال هو: هل تتمكن هذه القوى من إفشال أي حراك تقوم به الشعوب الإيرانية لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد؟

تنقسم نصوص الدستور الإيراني في موضوع السلطات إلى قسمين: السلطات غير المنتخبة التي يتم تعيينها من فوق، والسلطات المنتخبة من قبل الشعب.

وفي القسم الأول يحتل المرشد الأعلى صلاحيـات وسلطات واسعة بصفته «ولي الفقيـه». خاصة وأن الدستور يتحدث عن مبدأ «ولاية الفقيه المطلقة». لكن بما أننا نعيـش في القرن الواحد والعشرين ولا يمكن لأي شخص أن يطبق هذا المبدأ بحذافيره، فإن الأمر يأخذ طابعا آخر. أي أن الصراع بين السلطات والقوى المنتخبة، والأخرى غير المنتخبة يتجاوز النص الحرفي للدستور، ويتبع موازين القوى على الأرض. فوفقا لذلك إن معسكر «الجمهورية» كلما تمكن من حشد القوى المؤيدة له من أجل الضغط على معسكر «الإسلامية» أي القوى غير المنتخبة، كلما تمكن من كسب إنجازات سياسية على الأرض. أي أن معسكر ولاية الفقية ومسانديه لم يتزعزعوا إذا لم يضغط عليهم روحاني والشارع المؤيد له.

كما لا ننسى المؤثرات الإقليمية على الوضع الداخلي في إيران، وخاصة ما يجري في مصر من حراك ثوري يمكن أن يؤثر على الظروف الذاتية للقوى السياسية الفاعلة في إيران. إذ هناك احتمال بأن تتحول ذهنية القوى السياسية المعارضة للاستبداد في إيران من المطالبة بالإصلاحات التدريجية، إلى القيام بأنشطة ثورية جماهيرية كما يحدث حاليا في مصر، إذا حاول المرشد الأعلى الانقضاض على نتائج الانتخابات، وشل حركة الرئيس المنتخب الرامية للإصلاح السياسي والاقتصادي وعلى رأسها حل المشكلة النووية مع الدول الغربية.

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور