بروميثيوس، هذه المرة من عربستان

Shabani & Rashedi3
يوسف عزيزي
سوف تبکین کثیرا بعد موتي
وتقولین لهم، کان مسافات عواطف
لا یراه احدٌ غیر اله العالمین
وسَتَروین روایاتي لأثمار النخیل
وسَتَحکین حکایاتی لأشجارالطریق
آه یا علبة اقلامی القدیمة ومفاهیمی العتیقة وتصاویر جدودي السالفین
آه یا دفتر اشعاري السقیمة وهدوئي، عندما تجلس امي جنبنا في غرفة یملأها دفئ حنین
آه یا زَهرة حبي وصَلاتي وسکوني عندما کان ابي یقرأ قُرانا لیالي رمضان
آه یا سِر حیاتي و وجودي
آه یا من زرع الحُب باقطار وجودي نحو اوطان تلاشت بین ایدي المعتدین
آه یا صورة فجرٍ علقتها ید احلامي علی بوابة القرن الجدید
رَسَمَتها بدمٍ احمر حتی تستکین
آه یا حبي تجاه الشهداءالعاشقین
کیف انساکم وقد عشت بذکراکم سنین
کیف انساکم وقد مِتْ لکي تبقوا، کما کنت اراکم ثائرین
تطلبون الثأر ممن غصب الحب وارضي وحیاتي وحیاة الاخرین
سوف تبکون کثیرا بعد موتي
وستنسوني علی مر السنین
فانا اقرأ اشعاري لرب العالمین…
هذه القصيدة للشاعر الشهيد هاشم شعباني الذي اعدمته السلطات الايرانية في 7 ديسمبر 2013 ليس لسبب وانما لنشاطه الثقافي والادبي وتأسيسه وزملائه مؤسسة الحوارالثقافية في مدينة الخلفية قبل اكثر من 10 سنوات.
يمكن ان نشاهد في هذه القصيدة الحرة، طغيان المضمون على الشكل وهذا طبيعي للاجيال العربية في عربستان التي تم حرمانها من التعلم بلغتها الام. ونحن نحتفل هذه الايام باليوم العالمي للغة الام التي ممنوع التحدث عنها في ايران المتعددة الشعوب. فكل شاعر في ارض بلادي هو شاعر عصامي لم يتعلم العربية الا بجهده وسعيه. اذ تم اغلاق المدارس العربية منذ تسعين عاما بل وتم تغيير اسماءها الى الفارسية. كما تم تغيير اسماء اطفالنا ومدننا واحياءنا وشوارعنا ومياهنا وتم تدمير تراثنا كي نصبح فرسا جيدين.
عليكم بالله هل يمنع الكيان الاسرائيلي الذي تصفونه بالكيان الصهيوني العنصري – وهو كذلك – هل يمنع اطفال عرب 48 من التعلم بلغة الام وهل يمنع تدريس لغتهم في المدارس الابتدائية كما يفعل النظام الشمولي الديني في ايران ازاء نحو 60 او 70 في المئة من سكان ايران ومنهم العرب من التعلم بلغتهم؟
وقد تحدث لي عزمي بشارة عندما التقيت به وسميح القاسم في العام 2000 بالشام قائلا: اننا اي عرب 48 نهيأ مشروعا للحكم الذاتي الثقافي – الاقتصادي؟ اي كان لهم طموح بعد ان شكلوا احزابهم العربية وصحفهم ودور نشرهم.. الخ. ومعظمها مستقلة عن السلطة الاسرائيلية، اسلامية كانت ام يسارية او ديمقراطية. فما بالك عن الفرق الموسيقية والمسرحية. ونحن لايمكن ان تنشط فرقة موسيقية او تصدر صحيفة عربية – فارسية في عربستان الا وان يغرس النظام التيوقراطي الشمولي، عناصره الاستخباراتية في داخلها. ضف الى ذلك الاعدامات والسجون الممتلئة بالنشطاء الاهوازيين ولم تفرغ خلال العقود التسعة الماضية ولا يوم واحد.
شاهدوا اين وصل بنا الزمان بان نقارن انفسنا بالشعب العربي الفلسطيني في اسرائيل والبتة هذا طبيعي لاننا نشعر بثقافة جاثمة على صدورنا منذ تسعين عاما لم تفسح لنا التنفس والتطور بشكل طبيعي، لا في المجال الثقافي ولا الاقتصادي والسياسي. لم تستطع طبقة بورجوازية اهوازية ناشئة ان تترعرع خلال الاعوام التسعين المنصرمة اثر وجود حاجز وهو طبقة فارسية شبه استعمارية حاكمة. وهذا ما ادى الى تخلف اقتصادي وثقافي ولغوي واجتماعي مفروض علينا.
وانا اقول لكم ماهو الفرق بين الحكام في ايران الذين يعدمون شبابنا ونشطائنا والكيان الاسرائيلي الذي يبطش بالفلسطينيين. ففي الاخير، الطبقات البورجوازية تربت في احضان البورجوازية الاوروبية وتشبعت بثقافتها الليبرالية مع انها اضافت اليها نوع من العنصرية. لكن البورجوازية الكبيرة والصغيرة التقليدية المتحالفة معها والحاكمة في ايران تتغذى من تراث تقليدي خرافي منغلق على نفسه.وهذا لم يقتصر على الحكام الاسلاميين، بل الطبقات الوسطى والبورجوازية الوطنية الفارسية ايضا التي لاتقل عداءا لحقوق الشعوب غير الفارسية وخاصة العرب منهم. انظروا الى الجبهة الوطنية (جبهة ملي) وريثة الدكتور مصدق او مجمع اللغة الفارسية المحسوب على القوميين والاسلاميين القوميين. فهؤلاء ايضا مشبعون باوهام تراثية فارسية منشأها قبل الاسلام. لكن دماء المناضلين بما فيهم النشطاء العرب وعلى رأسهم الشاعر هاشم شعباني والمعلم هادي الراشدي، سيجبر حكام ايران المتغطرسين بالتراجع. وقد بدأنا نشاهد ذلك في تصريحات الرئيس الجديد ومستشاريه. وكان هؤلاء – بما فيهم الادميرال علي شمخاني – في طليعة القامعين لطموحات الشعوب غير الفارسية في ايران، لكن احساسهم بالخطر الداهم الناجم عن تعاظم رقعة نضال هذه الشعوب اجبرهم كي يعيدوا النظر في بعض اساليبهم. وقد تحولت قضية القوميات غير الفارسية الى القضية الاولى المطروحة على اجندة الحكام في ايران داخليا.
وكما ترون لدى المثقف والشاعر الشهيد هاشم شعباني، يلعب الشعر دورا هاما في طرح قضية شعبه المضطهد. وقد اندمجت الكلمة بالدم لتخرق سياج الحدود الجغرافية ولتشع كالنور الكرة الارضية. هذا هو الدم الاهوازي البرئ الذي يزهق بواسطة اياد لا يهما الا الحكم باي ثمن وهي تساند حكاما من طينتها في الشام الجريحة. وقد قفز الملاك من سجن سري في الاهواز العاصمة ليتجاوز الاقليم وليعرج بروحه المثخنة بالدماء على كل بقعة في العالم تقدّر امر الحرية. اذ كتبت عنه الصحافة وتحدث عنه الاعلام ورثاه الشعراء والادباء والصحفيين، بدأا من بريطانيا وفرنسا الى الولايات المتحدة واليابان واميركا اللاتينية. ناهيك عن العالم العربي الذي غطى ايضا الحدث ولو بشكل خجول قياسا بالعالم الحر. اذ بات الدم الاهوازي سفيرا يجول سموات الارض محمولا على اجنحة الملاكين هاشم شعباني وهادي الراشدي. فالكلام المغموس بالدم اخذ يتحدث مع العالم بلغة الشعر وهي اللغة الناعمة المخملية التي يطرب لها البشر، ماعدى اعداء البشر القابعين في حصون عنصريتهم واستعلائهم القومي.
لايمكن ان انهي كلامي ولااتكلم عن صديقي الشهيد هادي الراشدي. الحائز على درجة الماجستير في الكيمياء و كم يحتاج شعبنا الى امثال هادي؟ مدرس التلاميذ العرب الفقراء في مدينة الخلفية. كم كنت انسانا عندما التقيت بك في ربيع 2002 في بيتك بالخلفية والى جنبك هاشم وشهيد ومحمد علي العموري؟ فقد تذكرت بيتك عندما شاهدت الجماهير الغاضبة المحتشدة امام بيتك بعد ان اعدموك، متحدية اوامر القتلة والظالمين. وانا قلق الان على حياة المهندس محمد علي العموري والاخوين البوشوكة المحكومين ايضا بالاعدام مع هاشم وهادي.
فانت ابيمثوس Epimetheus واخوك في النضال هو بروميثيوس Prometheus الاهواز، هاشم شعباني. وقد تعذبتم كما تعذب بروميثيوس سارق النار وصديق الانسان. وقد تحديتم الاله القابع في قصور طهران كما تحدى بروميثيوس، اله الإغريق زيوس.
نقلا عن موقع ايلاف 3/3/2014

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور