القضية الاهوازية في الاعلام الرسمي الإيراني بين التعتيم والتشويه

  • 9-Mar-2012
* يوسArabistan Mapف عزيزي

ايلاف – فيما اتخذ الاعلام الرسمي الايراني حالة الصمت ازاء الاحداث التي شهدها اقليم عربستان خلال الاشهر الثلاث الاخيرة، خرجت علينا قناة “برس تي في” التابعة للحكومة الايرانية بتقرير مصور حول ما وصفته بالاعمال الارهابية للعرب في هذا الاقليم واظهرت صورة لثمانية عربستانيين اتهمتهم بالقيام باعمال عنف.

وهذه ليست المرة الاولى التي تبث هذه القناة الناطقة بالانجليزية تقارير حول ماتصفه بالارهاب في اقليم عربستان او كما يسمونه رسميا “خوزستان”. لكن لماذا لم يستخدم النظام الامني الايراني، قناة العالم العربية التي تبث للعالم العربي لهذا الغرض، ولماذا اختار هذا الوقت بالتحديد؟ في الجواب يجب ان اقول ان النظام الايراني لم يستخدم بوقه العربي اي قناة العالم لانه لايريد ان يطرح القضية الاهوازية على الرأي العام العربي كي لايذكرهم بوجود عرب مضطهدين في ايران وهو المتبجح دوما بالدفاع عن القضية الفلسطينية وسائر القضايا العربية. اي انه يتجنب بذلك إثارة احاسيس العرب القومية التي يمكن ان تتعاطف مع الشعب العربي المطوق بحصار حديدي في عربستان. ويعمل النظام الشمولي في ايران ومن خلال هذا الجدار الحديدي من اجل التعتيم على القضية الاهوازية. فهو منذ 33 سنة يعتقل ويقمع ويقتل الشعب العربي في عربستان من جهة ويدعي مساندة الشعب العربي الفلسطيني من جهة اخرى.

ونحن نعلم ان علاقة النظام الايراني مع الاعلام الحر – كحليفه السوري – تماثل “الحية والحساوي” كما يقول المثل الاهوازي، اي انه يعادي الاعلام الحر ويمنع دخول الاعلام المستقل الاجنبي والمحلي ليس الى اقليم عربستان وعاصمتها الاهواز فحسب، بل وحتى الى العاصمة الايرانية طهران. فالجمهورية الاسلامية معروفة بتعتيمها على اخبار العرب في اقليم عربستان بل واساسا لم تعترف رسميا بوجود 6 ملايين عربي في هذا الاقليم.

تأكيدا على عداء النظام الشمولي الديني في ايران للصحافة والاعلام نقول ان منظمة مراسلون بلاحدود وللعام الثاني، صنفت ايران كالدولة الاكثر عداءا للصحافة الحرة. ويرزح نحو 42 صحافي في السجون الايرانية من اصل 100 صحفي مسجون في العالم. كما تقع ايران في اسفل قائمة الدول في مجال حرية الصحافة والاعلام ولايتبعها في سلم كبت الحريات الا سورية واريتريا وكوريا الشمالية. وقد حجبت الحكومة الايرانية نحو 10 ملايين موقع على الانترنت.

علاوة على ذلك يستهدف الامن الايراني من بث التقارير المزيفة حول العرب في ايران ونضالهم كالتي بُثت من شبكة برس تي في، يستهدف الرأي العام والحكومات في الدول الغربية بشكل مباشر كي يرسم صورة مشوهة من النضال الاساسي لابناء شعبنا وهو نضال سياسي جماهيري سلمي بعيدا عن العنف. ويتعمد النظام الايراني في تقاريره التي يبثها او ينشرها في اعلامه الرسمي، بالمزج بين الشخصيات والفصائل المؤمنة بالعمل السياسي والثقافي الجماهيري، والاخرى التي تعتمد العمل المسلح، كي يضرب عصفورين بحجر واحد. اي يثير السلطات في الدول الاوروبية والامريكية بالضغط على العربستانيين الذين يقيمون كلاجئين في هذه الدول هربا من بطش النظام الاستبدادي في ايران.

لكن لماذا في هذا التوقيت بالذات؟ لإن النظام الايراني اخذ يتضايق من العمل الاعلامي الواسع للنشطاء العربستانيين في الخارج والذين يحاولون توصيل صوت شعبهم الاسير الى العالم. فأهم ما يؤرق الحكومة الايرانية هو انعكاس اخبار الاعتقالات وعمليات الاعدام التي يتعرض لها المواطنين العرب في ايران، خاصة في الاعلام الفارسي ولدى الاحزاب ومنظمات السياسية المعارضة ومؤسسات حقوق الانسان العالمية والايرانية الناشطة في الخارج. واني اعرف ان المسؤولين الكبار في ايران يتابعون وبدقة اولا القنوات الفارسية الواسعة الانتشار في ايران كقناة بي بي سي فارسي وصوت امريكا الفارسي، وثانيا المواقع الاخبارية الفارسية المستقرة في الخارج. ويأتي ارسالها الامواج للتشويش على هذه القنوات اثر خوفها من حصول الناس على المعلومة التي يحجبها الاعلام الرسمي من المواطن الايراني. وهي تعلم ما قامت به اذاعة بي بي سي الفارسية في نشر اخبار الثورة الايرانية خلال عامي 1978 و1979، بل ودورها في قيام تلك الثورة التي عُرفت باسم الثورة الاسلامية. ولذلك صب قناة برس تي في، جام غضبه في تقريره هذا على قناة بي بي سي فارسي. كما ان ما تنشره منظمة العفو الدولي ومنظمة هيومن رايتس ووتش باللغة الانجليزية ومن ثم الفارسية والعربية يقض مضاجع المسؤولين الكبار في الجمهورية الاسلامية الايرانية وذلك بسبب بثه من قبل اهم الوكالات العالمية كرويترز و فرانس برس.

لقد قامت المنظمات المدافعة لحقوق الانسان خلال الاشهر المنصرمة بفضح اعمال النظام الايراني في قتل عدد من الشباب العربستاني تحت التعذيب واعتقال العشرات منهم. اذ كان الاعلام الفارسي قبل بضع سنوات شبه مغلق في وجه الاهوازيين لإسباب مختلفة لكنه اخذ يتجاوب اكثر فاكثر في الاعوام الاخيرة تجاه الخطاب الاهوازي المتعقل والرزين. كما ساهمت بعض القنوات العربية كقناة بي بي سي عربي والعربية وموقع ايلاف في بث اخبار الاعتقالات والاغتيالات في الاهواز، غير ان التغطية لم تكن في مستوى حجم الاعلام الفارسي رغم ان الاعلام العربي اكبر واوسع من الاعلام الفارسي. كما ان الاحزاب القومية والديمقراطية واليسارية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية في الدول العربية لم تنبس ببنت شفة ازاء ما يجري من قمع واضطهاد ضد بني جلدتهم في ايران وهو ما ينقده النشطاء الاهوازيون في الداخل والخارج.

ولم يرد النظام الايراني حتى على منظمات ايرانية كمجموعة “العدالة لإيران” التي ترأسها الحقوقية والسجينة السابقة شادي صدر والتي طالبته بتفسير عن اعتقال نحو 65 مواطن عربي ووفاة اثنين منهم تحت التعذيب خلال الاشهر الثلاث المنصرمة. بل جاء رد النظام الامني الشمولي في ايران بشكل تقرير مصور يمزج بين اغتيالات لاشخاص وتفجيرات وقعت قبل اربع سنوات، واعتقالات تمت خلال الاشهر الثلاث الماضية. فهو معروف – كحليفه السوري – بالتلفيق والكذب. فالذين يعتقدون بحق تقرير المصير لشعبنا العربي في عربستان – وانا منهم – يترجمون هذا الحق باقامة نظام فدرالي، ديمقراطي، تعددي يتم بفضل نضال كل الشعوب الايرانية وخاصة غير الفارسية منها. وتقع الحقوق الكاملة للمرأة الاهوازية في صلب هذا الحق.

وقد عارضت دوما استخدام العنف في نضال شعبنا، اؤكد مرة اخرى ان النظام القمعي في ايران هو الذي يجر بعض الشباب الى العنف لكن على هؤلاء الشباب ان تعلم بان هذا الامر هو لصالح النظام الذي يملك كل وسائل العنف وله اليد العليا في ذلك. كما على المجموعات العربستانية في المنفى ان تتحلى بروح المسؤولية ازاء ارواح شبابنا ولاتحرض على استخدام العنف.

فالوجه الحضاري لنضال شعبنا هو ما نشاهده في المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية والعمالية التي تتم بين الحين والآخر رغم قساوة النظام الايراني في مواجهة هذا النضال السلمي. هذا سياسيا، وإما ثقافيا، نشاهد اقامة الامسيات الشعرية والموسيقية والنشاطات المسرحية واقامة المحاضرات التوعوية في المساجد وماشابه ذلك من امور. لذا يجب دمج النضال السياسي والثقافي حيث لايمكن الاستغناء لاي منهما.

كاتب وصحفي من عربستان

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور