من مملكة عربستان إلى محافظة خوزستان

ل

يوسف عزيزي  – الزمان

استقلت مملكة عربستان ــ وعاصمتها الحويزة ــ على يد مؤسسها الامير محمد بن فلاح المشعشعي 1436 ، وقد شهدت ذروة اتساعها وعظمتها في عهد نجله الامير محسن بن محمد حيث ضمت شرق العراق، من البصرة الى ضاحية بغداد، غربا ومنطقة كوهكيلوية وموانئ الخليج شرقا، ومناطق البختياري

و لورستان و بشتكوه وحتى كرمنشاه ــ في ايران الحالية ــ شمالا، والقطيف والاحساء جنوبا.

واستمرت مملكة عربستان خلال 5 قرون بين مملكة مستقلة طورا ومملكة ذات حكم ذاتي واسع ومطلق طورا اخر. اذ وبعد الحويزة باتت مدن الفلاحية و المحمرة عاصمة مملكة عربستان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، على التوالي. بل وحديثا، اكد الدستور الايراني المنبثق من الثورة الدستورية 1906 ــ 1909 على مسمى الممالك المحروسة الايرانية واهمها ممكلة عربستان. وبعد سقوط اخر أمرائها العرب، الامير خزعل، قام الشاه رضاخان البهلوي بتقزيمها وتغيير اسمها، حيث اصبحت محافظة خوزستان او استان خوزستان بالفارسية.

ومنذ ذلك الحين سعت عائلة البهلوي المالكة لتفريس وتغيير النسيج السكاني والحضاري لهذا الاقليم العربي واستمرت الجمهورية الاسلامية على نفس النهج تقريبا، او انها ابقت على الاسماء المفرسة ولم تعدها الى اصلها العربي. ونشير هنا الى الاسماء التي تم تفريسها، وهو قيض من فيض

اسم المكان الاسم العربي الاصلي الاسم الفارسي المفروض

المحافظة عربستان خوزستان

مدينة المحمرة خرمشهر

مدينة عبادان آبادان

مدينة معشور ماهشهر

مدينة الفلاحية شادغان

مدينة بني طرف والحويزة دست ميسان دشت آزادغان

مدينة سيد جري آغاجري

مدينة صالح آباد انديمشك

مدينة الخفاجية سوسنجرد

مدينة العميدية اميديه

مدينة رأس الميناء سربندر

مدينة ميناء خورموسى بندر خميني

قضاء القصبة اروند كنار

قضاء عبدالخان الوان شهر

قضاء جزيزة صلبوخ جزيره مينو

هور هور الفلاحية باتلاق شادغان

نهر شط العرب اسم دولي اروند كنار

ضف الى ذلك تغيير اسماء القرى والاحياء والشوارع العربية في المدن، وتبديلها الى اسماء فارسية، بما فيها اسماء شخصيات ادبية وسياسية معروفة بعنصريتها ومعاداتها للعرب. مثل الفردوسي و زردشت و بورداود في مدينة الاهواز وسائر مدن الاقليم. كما تمنع السلطات الايرانية تسمية المواليد العرب باسماء عربية اصيلة مثل شيماء و نبيل و ونسة و طارق .. الخ وتسمح فقط بالاسماء الشيعية التقليدية. بل وتقدم قائمة باسماء فارسية قحة للمواطن العربي الاهوازي لتسمية ابنائه، مثل كورش و كامبيز و بهروز و بريسا و برستو .. الخ.

وقد اصبحت عندنا في اقليم عربستان، مسميين او ثلاثة لبعض الاحياء، منها واحد عربي تاريخي والثاني فارسي رسمي والثالث فارسي غير رسمي تستخدمه الاقلية الفارسية في المدن العربية. على سبيل المثال هناك 3 مسميات لحي الدائرة في مدينة الاهواز الذي يوصف بحي علوي رسميا و شلينك آباد من قبل الاقلية الفارسية. كما قامت الجمهورية الاسلامية مؤخرا بتبديل حي كوت عبدالله ــ الكبير بالمساحة والسكان ــ في الاهواز العاصمة الى مدينة جديدة اسمها مدينة كارون . وتبتغي السلطة الايرانية من ذلك هدفين تغيير الاسم التاريخي اي كوت عبدالله المنسوب الى الشيخ عبدالله بن شيخ خزعل الى اسم اخر، وثانيا تقزيم الاهواز العاصمة وتبديلها الى مدينة ذات اغلبية غير عربية. كما يجب ان نشير الى بناء المستوطنات لاسكان غير العرب مثل شيرين شهر في جنوب مدينة الاهواز و رامين شهر في شمالها وذلك لمحاصرتها بالمهجرين الفرس من الجنوب والشمال. ناهيك عن تهجير العرب من احياء قديمة واصيلة عربية ك اهواز القديم و العامري و الشبيشة و الصخيرية في العاصمة الاهواز، وذلك بحجة شق الطرق وبناءالشوارع العريضة وماشابه ذلك. فيما تمنع القوانين الدولية ومنها قوانين منظمة يونسكو اي تغيير في شاكلة الاحياء القديمة والعريقة في المدن. لكن يبدو الاتجاهات العنصرية والمعادية للعرب في ايران تغلب على كل قانون مدني وحضاري في العالم.

فرغم فرض الاسماء الفارسية على المدن والقرى والاحياء والاماكن الطبيعية والمواقع الجغرافية، لايزال الشعب العربي الاهوازي يتمسك بمسمياته العربية التاريخية في محاوراته اليومية. كما يمكن لأي باحث ان يعثر على مسمى اقليم عربستان والمسميات العربية للمدن في هذا الاقليم في جميع الكتب التاريخية الفارسية الصادرة قبل استقرار النظام البهلوي 25 ــ 1979 في ايران، اي اننا نراها في جميع الوثائق والكتب الفارسية الصادرة خلال خمسة قرون من عهود الامبراطوريات الصفوية، والافشارية، والزندية، والقاجارية وحتى عام 1934 اي اوائل الحكم البهلوي. كما نجد هذه المسميات في الكتب التاريخية والقواميس الفارسية الهامة كتاريخ احمد الكسروي و حسين مكي وقاموسي دهخدا ، و معين ، والموسوعة البريطانية وارشيف وثائق وزارات الخارجية الايرانية والبريطانية والبرتغالية والهولندية والعثمانية والعراقية والكويتية والسورية. وتعُد الستينيات من القرن العشرين منعطفا في عملية التفريس، حيث اثار كشف اجهزة الامن الشاهنشاهي ــ السافاك ــ منظمة عربية من اجل استقلال الاقليم وفصله عن ايران، هلع النظام الايراني. اذ قام الشاه و السافاك بترسيم وتدشين خطط دقيقة لتغيير النسيج السكاني لمدن الاقليم وخاصة مدينة الاهواز العاصمة. وقد ورث نظام الجمهورية الاسلامية تلك الخطط بما فيها مصادرة 250 الف هكتار من اراضي المزارعين والقرويين العرب على ضفتي نهر كارون من مدينة تستر الى المحمرة.

فاذا اضفنا تدمير المعالم الاثرية العربية في الاقليم من قصور وبيوت وابنية، يظهر لنا مدى حقد الاوساط الشوفينية المعادية للعرب في ايران وكأنها تريد ان تنتقم من الشعب العربي الاهوازي لواقعة تاريخية يعتبرونها جريمة تاريخية لاتغفر، وهي الهجوم العربي على الامبراطورية الساسانية خلال الفتوحات الاسلامية. ولم يتجاوز عدد غير العرب في اوائل الستينيات نحو 10 في المائة من سكان مدينة الاهواز بمن فيهم مسؤولو الدوائر الحكومية. فيما ارتفعت هذه النسبة الى نحو 30 في المائة خلال نصف قرن. وكما اسلفنا، بدأت السلطات الايرانية منذ الثلاثينات من القرن العشرين بتغيير الظرف اي اسم الاقليم والمدن والاحياء من العربي الى الفارسي، ومن ثم واصلت جهودها لتغيير المظروف، اي الانسان والتركيبة السكانية لصالح غير العرب. فلذا فالسؤال المطروح حاليا على شعبنا العربي الاهوازي هو سؤال وجودي

أكون أم لا أكون

جديد الموقع

هورنا مجفف وهورهم يبهر العالم رحلة أحوازية الى ارض النهضة ؛ فلورنسا والبندقية- يوسف عزيزي: في العام ١٩٧٦ وخلال رحلتي الى اوروبا وشمال افريقيا لم اتمكن انا ومرافقي الجيلكي علي مقدسي من زيارة مدينة البندقية، حتى ان سنحت لي الفرصة ان اقوم بذلك في الفترة ٢٧-٣١ يوليو ٢٠٢٢، ومن ثم زرت مدينة فلورنسا من ٣١يوليو -٣ اغسطس من نفس العام . مدينة البندقية، التي توصف ب”ونيز” بالانجليزية ، مبنية على المياه، ما عدى المطار – واسمه ماركوبولو – وبعض الاراضي اليابسة المتصلة به. وماركوبولو (١٢٥٤-١٣٢٤م) ابن هذه المدينة معروف بمغامراته ورحلاته الى الشرق وخاصة الهند والصين في القرن الثالث عشر. وقال لي شخص يعرف الأهوار والمستنقعات ان البندقية قامت على بعض المناطق اليابسة في الأهوار الواقعة على هامش البحر وانا اتصور ان تلك الأهوار كانت تشابه اهوارنا كهور الحويزة والعظيم، وان مباني البندقية تم تشييدها على بقع يابسة مرتفعة كتلك التي نحن نصفها ب”الجبايش” في اهوارنا، لكن هنا في اوروبا اصبحت البندقية مدينة تبهر العالم وتجلب الملايين من السياح ليدروا عليها ايرادات تعادل بل تفوق ايرادات النفط التي يُستخرج من أهوار الحويزة والعظيم والذي ادى الى ان تجفف الشركة الوطنية الإيرانية للنفط هذه الأهوار لتتمكن وبمشاركة الشركات الصينية ان تنهب نفط تلك المنطقة وتدمر البيئة وتهجر السكان الأحوازيين من هناك.وفي مدينة البندقية القائمة على مياه البحر الادرياتيكي، لاترى تكسي ولا سيارة ولا حافلة، فكل ما في الامر هو: تكسي بحري وباص بحري. بل شاهدت ان بعض القوارب الكبار تقوم بمهمة الشاحنات لنقل التراب من المباني التي يتم تهديمها وكذلك لجلب الطوب والاسمنت وسائر مواد البناء. كما توجد في البندقية اشارات مرور لكن ليس في الشوارع المبلطة كما في كل مدن العالم بل في مفارق الشوارع المائية. وهناك العديد من الفنادق في المدينة لكننا كمجموعة استأجرنا شقة لانها كانت ارخص. هنا تشاهد الكنائس العديدة وقصور الدوقات (جمع دوق، حاكم الإمارة) ومركزها الرئيسي ساحة San Marco “سن مارك” في وسط البندقية. هناك قصر رئيسي في هذه الساحة والى جنبه سجن المدينة الذي يقع قسمه التحتاني في الماء. وقد زرنا كنيسة St Zaccaria (القديس ذكريا) وشاهدنا ارضيتها المغمورة بالمياه. وبين العديد من الجسور المبنية على الشوارع المائية هناك جسر يوصف بجسر الشجار حيث كان المنتسبون للنقابات المختلفة في القرون المنصرمة يتجادلون ويتشاجرون هناك، يمكن ان نصفه بجسر “البوكسيات” باللهجة الأحوازية. كما توجد جزيرة بالقرب من المدينة توصف ب “ليدو” يمكن الوصول اليها بالتاكسي او الباص البحري. وبعد الوصول الى محطة الجزيرة يمكنك عبور عرض الجزيرة مشيا على الاقدام خلال عشر دقائق وهناك تصل الى ساحل رملي مناسب جدا للسباحة لان عمق البحر يزداد بالتدريج وبعد نحو ثلاثين مترا تستطيع ان تسبح في المكان العميق الذي لايمكنك المشي فيه. وقد تطورت التجارة في البندقية في القرن الثالث عشر الميلادي اثر جهود عائلة ماركو بولو واخرين حيث تزامن ذلك مع انبثاق عائلة مديشي المصرفية والسياسية في فلورنسا. وكانت البندقية امارة مستقلة قبل توحيد ايطاليا من قبل غاريبالدي في القرن التاسع عشر. لكن الشعب هنا وفي اخر انتخابات او استفتاء في العام ٢٠١٩ رفض الاستقلال واستمر في الحياة مع ايطاليا محتفظا بحقوقه الثقافية والسياسية. ويبدو ان الامر يعود الى الوضع الاقتصادي المناسب للمدينة بسبب السياحة التي تبدأ من شهر مارس وتنتهي في شهر نوفمبر وتدر الاموال على هذه المدينة. كما ان لغة اهل البندقية لاتختلف كثيرا عن الايطالية حسب ما سمعت منهم. في فلورنساتبعد نحو ساعتين بالقطار من البندقية ولعبت دورا تاريخيا في انبثاق عصر النهضة والذي كان نقطة انعطاف في الحياة العلمية والفنية والثقافية في اوروبا بل والعالم. فعلاوة على العديد من الكنائس الكبيرة هناك متاحف تضم تماثيل ولوحات من مايكل أنجلو، ورافائيل وأخرين تبهر البصر وتثير الاعجاب. ويعد متحف Uffizi museum اهم هذه المتاحف. اذ كانت فلورنسا – كالبندقية – تعج بالسياح الوافدين من كل اصقاع العالم وذلك بعد عامين من الغياب بسبب جائحة الكرونا. ولفت انتباهي في المدينة كثرة الباعة العرب المغاربة والباكستانيين وبعض الافريقيين السود الذين يبيعون اشياء بسيطة على الارصفة. وقد قال لي سائق تاكسي كهل اقلنا من المدينة الى المطار بعد ان سألته عن الوضع الاقتصادي للناس قال: “اني اعيش في الضاحية لان المعيشة ارخص هناك”، وعن الاتجاهات السياسية هناك اكد انه اشتراكي وليس شيوعي ولا اشتراكي ديمقراطي. وعندما سألته عن برلينغرئر زعيم الحزب الشيوعي الايطالي – وهو اكبر حزب شيوعي في اوروبا – قبل خمسين عاما قال انه يتذكره ودون ان اسأله ذكر لي اسم أنتونيو غرامشي الفيلسوف السياسي اليساري الايطالي واصفا اياه بالعظيم وقد ايدت كلامه، حيث حكم عليه الفاشيون الحاكمون في ايطاليا في الثلاثينيات من القرن الماضي بالسجن لمدة عشرين عاما، وقد الف معظم كتبه هناك رغم الرقابة الصارمة. وقد استند الى نصوصه العديد من المفكرين العرب بما فيهم محمد عابد الجابري. كما ان دانتي أليغييري الشاعر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية ايضا من مواليد فلورنسا وكان معاصرا لماركوبولو.وكذلك ولد ومات المفكر والفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيلّي في هذه المدينة وهو الذي عاش في عصر النهضة والف كتاب “الأمير” الذي يعتبر احد اهم كتب الفكر السياسي، والماكيافيلية معروفة لحد الان كمدرسة في السياسة.وتقع جمهورية سان مارينو المستقلة ضمن خريطة ايطاليا وعلى الشرق من مدينة فلورنسا. وهي الى جانب الفاتيكان تعتبر ثاني دولة مستقلة ضمن هذه الخريطة وثالث اصغر دولة في اوروبا، وعاصمتها ايضا تسمى سان مارينو. مساحة هذه الجمهورية الجبلية ٦١ كيلومتر مربع وعدد سكانها ٣٣٤٠٠ نسمة، وقد تأسست كدولة جمهورية في القرن الرابع الميلادي. وفي العصر الحديث، اعترف مؤتمر فيينا في العام ١٨١٥ باستقلال سان مارينو دوليا. اما الدولة الثانية في خريطة ايطاليا هي الفاتيكان التي تقع في العاصمة روما وزرتها في العام ٢٠١١. قارن ذلك بما وقع لمملكة عربستان المستقلة ومن ثم المتحالفة مع الممالك الاخرى في بلاد فارس. هذا ما ناقشته هاتفيا مع ابن بلدي سعيد سيلاوي الأحوازي الذي يقيم في مدينة بولونيا – بين البندقية وفلورنسا- والذي لم استطع من زيارته هناك رغم اصراره وزوجته ام فهد التي خاطبتني قائلة : “عليكم ان تزورونا” وعندما قلت لها ان عددنا كبير ومنزلكم صغير ذكرتني بالمثل الأحوازي: “موش مشكلة، ان البرة لنا والداخل لكم”.


الإستعلاء العرقي الفارسي ومعاداة العرب


حوار مطول لقناة الشرق مع يوسف عزيزي


ثورة الأحواز” توحّد الهتافات برحيل نظام الملالي”


جرائم لايمكن السكوت عنها


فيسبوك

تويتر

ألبوم الصور